للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمخالفين بإذن الإمام، لم يكن حمله عليهم، بل لهم.

ثم إن الحمل للسلاح بين المسلمين، إن كان لمقصود شرعي؛ من إظهار قوة الإسلام؛ لإرهاب العدو وإعلامهم بقوتهم واهتمامهم بقتالهم، فهذا مندوب لا شك فيه. وإن كان لعبًا ولهوًا وبطرًا، وتخييلًا وجردًا، فهو محذور من وجوه يعلمها أهل المعرفة والبصائر، والله أعلم.

وقد يعبر بحمله عن مقصود السلاح، وهو القتل؛ لملازمته بالحمل له غالبًا، وعليه تدل قرينة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حملَ علينا السلاحَ"، وقد يعبَّر به عن الحمل حالَ القتال والقصد للضرب بالسيف على كل حال للمسلمين، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليس منا"، وقد ثبت مثله: "من غَشَّ فليسَ مِنَّا" (١)، و"ليسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخدودَ، وشَقَّ الجيوبَ .. " (٢) في أحاديث كثيرة من ذلك.

والمراد: ليس مثلنا، أو ليس على طريقنا أو هدينا، وما شابه ذلك.

وإن كان المراد به الخروج عن المسلمين ودينهم، احتجنا إلى تأويله بالاستحلال لحمله على المسلمين بالمعنى الممنوع منه ونحوه، أو غيرهم ممن منع الشرع حمل السلاح عليه.

وقد نقل عن السلف - رحمهم الله تعالى -: أنهم قالوا في مثل هذا الحديث وأشباهه: أن الأولى إطلاق لفظه، كما أطلقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير بيان ولا تأويل.

قالوا: لأن إطلاقه أبلغُ في الزجر، وأوقعُ في النفوس من التأويل والبيان، والله أعلم.

وفي هذا الحديث دليل: على تحريم قتال المسلمين، وتغليظ الأمر فيه.

وفيه دليل: على كراهة حمل السلاح لغير مصلحة شرعية.


(١) رواه مسلم (١٠١)، كتاب: الإيمان، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من غشنا فليس منا"، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>