للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن الشعبي، وعبيد الله، عن الحسن العنبري: أن للرجل أن يعتق من عبده ما شاء، والله أعلم (١).

فلو كان نصيب الشريك مرهونًا، فهل يمنع الرهن سراية العتق إلى نصيب شريكه؟ فيه وجهان لأصحاب الشافعي - رحمهم الله -، وظاهر عموم الحديث يقتضي عدم المنع من السراية، وكأنه يؤدي إلى تعارض حق الله تعالى في عتق المرهون، وحق المرتهن في الوثيقة؛ حيث إن ملك الشريك لم يزل عن نصيبه المرهون، كيف وحق المرتهن غير متعين في المرهون، فإنه يرجع إلى قيمته، فلا يمنع سراية العتق، فيقوى العمل بعموم اللفظ، ويلغى المانع من إعماله.

وأجمع العلماء على أن الراهن لو أراد أن يوفي من غير العين المرهونة، كان له ذلك، ولا يتعين الوفاء منها، والله أعلم.

ولو كاتبا عبدًا، ثم أعتق أحدهما نصيبه، فقد تعارض عموم لفظ الحديث والتخصيص بعدم المانع، وهو: صيانة الكتابة عن الإبطال. وغاية ما في تنجيز عتقه بالسراية إلى نصيب الشريك المكاتب، إبطال حق الولاء له في نصيبه.

لكن لفظ الحديث يتناوله؛ من حيث إنه عبدٌ، والمكاتب عبد ما بقي عليه درهمٌ، فيتناول لفظ عموم الحديث إليه أقرب، فيسري العتق إلى نصيب الشريك المكاتب، ويعتق؛ لما فيه من تنجيز العتق في الحال على تأخر العتق بالكتابة، والشارع متشوف إلى العتق بوصف التنجيز.

وكذلك لو كان العبد مدبَّرًا، فأعتق أحدُهما نصيبه فيه، فإن كان الحكم فيه كالكتابة وأولى، وتناول لفظ العموم هاهنا أقوى من الكتابة؛ حيث إنه يجوز بيع المدبر.

ولهذا الأصح من قولي الشافعي عند أصحابه: أنه يقوم على المعتق نصيب الشريك.

وغاية ما في هذا المدبر: أن العتق وسرايته وإليه أبطل حقه من قربه، وهي


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>