للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخذنا بالأكثر، أو بالأحفظ فالأحفظ، ثم نظرنا في أقربها دلالة على المقصود، فيعمل بها.

وأقوى ما ذكرناه لمذهب مالك لفظة "ثم".

وأقوى ما ذكرناه لمذهب الشافعي - رحمه الله - رواية حماد، وهي قوله: "من أعتقَ نصيبًا له في عبد" إلى قوله: "فهو عتيقٌ".

لكنه يحتمل أن يكون المراد أن مآله العتق، أو أن العتق قد وجب له وتحقق.

وأما قضية وجوبه بالنسبة إلى تعجيل السراية أو توقفها على الأداء، فمحتمل.

فإذا آل الأمر إلى هذا، فالواجب النظر في أقوى الدلالتين وأظهرهما دلالة "ثم" على تراخي العتق عن التقويم والإعطاء.

ودلالة لفظة "فهو عتيق": على تنجيز العتق هذا بعد أن يجري ما ذكرناه من اختلاف الطرق، أو إبقائها على مدلولها، والله أعلم (١).

وقد يستدل بالحديث من يرى السرايةَ بنفس الإعتاق، على عكس ما قررناه في الوجه قبله، وطريقُه أن يقال: لو لم تحصل السراية بنفس الإعتاق، لما تعينت القيمة جزاء للإعتاق، لكن تعينت، فالسراية حاصلة بالإعتاق، بيان الملازمة: أنه إذا تأخرت السراية عن الإعتاق، وتوقفت على التقويم، عتق الشريك نصيبه، ونفذ، وإذا نفذ، فلا تقويم، فلو تأخرت السراية، لم يتعين التقويم، لكنها متعينة بالحديث.

واختلف الحنفية في مجرد الإعتاق، بعد اتفاقهم على عدم تجزيء العتق؛ فأبو حنيفة: يرى بالتجزيء في الإعتاق، وصاحباه لا يريانه. وأثبتا على مذهب أبي حنيفة - رحمه الله - أن للسالب أن يعتق؛ إبقاء للملك، ويضمن لشريكه؛ لأنه جنى على ملكه بالإفساد واستسعاء العبد؛ لأنه ملكه رجاء يسار المعتق، فلو كان في حال إعساره، سقط التضمين، ونفي الأمران الآخران.


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>