للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ما يراه النائم في نومه، يقال منه: حلَم بفتح اللام، واحتلَم، واحتَلَمْتُ به، واحتَلَمْتُه (١).

وقد خص هذا الموضع اللغوي ببعض ما يراه النائم، وهو ما يصحبه إنزالُ الماء، فلو رأى غير ذلك؛ لصحَّ أن يقال له: احتلم وضعًا، ولم يصح عرفًا.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَم؛ إذَا رَأَتِ الماءَ".

لما كان الاحتلام مستعملًا في رؤية المنام من غير إنزال، وتارة يستعمل مع الإنزال؛ حسن السؤال مستعملًا عن حكمه الشرعي؛ ليتبين من أصل وضعه الذي هو في أصل اللغة.

وحسُن الجوابُ مقيدًا بالإنزال؛ وهو قوله: "إذا رأتِ الماءَ"، ووصف الإنزالِ بالرؤية يحتمل النزولَ من الصلبِ، أو الترائبِ إلى باطن الفرج من غير خروج إلى ظاهره.

لكنه يعكر على البِكْر في عدم وجوب الغسل عليها بذلك.

ولا يعكر على الثيِّبِ؛ فإنه يجب عليها بخروجه إلى باطن فرجها؛ وهو الموضع الذي يجب عليها غسلُه في الجنابة، والاستنجاء، الذي يظهر حالَ قعودها لقضاء الحاجة، وإن لم يبرز إلى ظاهره.

فعلى هذا تكون الرؤية بمعنى: العِلْم؛ كأنَّه يقول: إذا علمتِ خروجَ الماء، فيجب عليكِ الغسل، والله أعلم.

ثم اعلم أنَّه: يجب الغسل على المرأة بالإنزال؛ وكذلك الرجل، والدليل على ذلك؛ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّما الماءُ منَ الماءِ" (٢).

فيُحتَمَل أنَّ أمَّ سُلَيم - رضي الله عنها - لم تسمع ذلك، فسألت عن ذلك؛


(١) انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٢/ ١٤٥)، و"مختار الصحاح" للرازي (ص: ٦٤)، (مادة: حلم).
(٢) رواه مسلم (٣٤٣)، كتاب: الحيض، باب: إنما الماء من الماء، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>