للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "الَّتي يَدْعونَها العَتْمَةَ" هو إشارة إلى اختيار تسميتها بالعشاء؛ لموافقة الكتاب العزيز في قوله تعالى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور: ٥٨].

وقد ثبت النهي عن تسميتها بالعتمة، وثبت في "الصحيح" تسميتها بالعتمة، في قوله: "ولو يعلَمونَ ما في النداء والعَتْمَةِ" (١)، وثبت النهي: "لا تغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرابُ عَلى تَسْمِيَتِها العِشاءَ، يَقُولونَ: العَتْمَةَ" (٢).

فلعل تسميتها بها؛ لبيان الجواز، أو لعل المكروه: أن يغلب عليها اسم العتمة؛ بحيث يكون اسم العشاء لها مهجورًا، أو كالمهجور، وقد أباح تسمية العشاء بالعتمة: أبو بكر، وابن عباس -رضي الله عنهم-.

والمعنى في النهي عن تسميتها بالعتمة؛ تنزيهًا لهذه الصلاة الشريفة الدينية، وأن يطلق عليها ما هو اسم لفعلة دنيوية؛ وهي الحلبة التي كانوا يحلبونها في ذلك الوقت، ويسمونها العتمةَ؛ ويشهدُ لهذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَإِنَّها تُعْتِمُ بِحِلابِ الإِبِلِ" (٣).

والمقصود من النهي في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَغْلبنكم الأعرابُ على اسمِ صلاتكم العشاء" في "صحيح مسلم" (٤).

و"لا تَغلبنكم الأعرابُ على اسم صلاتكم المغرب"، في "صحيح البخاري" (٥)؛ لأنهم كانوا يطلقون العشاء على المغرب.


(١) رواه البخاري (٥٩٠)، كتاب: الأذان، باب: الاستهام في الأذان، ومسلم (٤٣٧)، كتاب: الصلاة، باب: تسوية الصفوف وإقامتها، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) رواه ابن ماجه (٧٠٥)، كتاب: الصلاة، باب: النهي أن يقال: صلاة العتمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - وانظر: تخريج الحديث الآتي عند مسلم.
(٣) انظر: تخريج الحديث الآتي.
(٤) رواه مسلم (٦٤٤)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: وقت العشاء وتأخيرها، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - بلفظ: "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء، فإنها في كتاب الله العشاءُ، وإنها تعتم بحلاب الإبل".
(٥) رواه البخاري (٥٣٨)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من كره أن يقال للمغرب: العشاء، عن عبد الله المزني - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>