للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليست بسنة الصلاة، وإنما أفعل ذلك من أجل أني أشتكي (١).

وفي حديث آخر في فعل ابن عمر أنه قيل في ذلك. قال: إن رجليَّ لا تحملاني (٢).

والأفعال إذا كانت للجِبِلة، أو ضرورة الخلقة لا تدخل في أنواع القرب المطلوبة، فإن تأيَّد هذا التأويل بقرينة تدل عليه؛ مثل أن أفعاله السابقة على حالة الكبر والضعف، لم يكن فيها هذه الجلسة، أو يقترن فعلها بحالة الكبر، من غير أن يدل دليل على قصد القربة، فلا بأس بهذا التأويل.

وقد رجح في علم الأصول أن ما لم يكن من الأفعال مخصوصًا بالرسول، ولا جاريًا مجرى أفعال الجبلة، ولا ظهر أنه بيان لمجمل، ولا علم صفته من وجوب أو ندب أو غيره، فإما أن يظهر فيه قصد القربة، أو لا، فإن ظهر، فمندوب، وإلا فمباح.

لكن لقائل أن يقول: ما وقع في الصلاة، فالظاهر أنه من هيئتها، لا سيما الفعل الزائد الذي تقتضي الصلاة منعه، وهذا أقوى، إلا أن تقوم القرينة على أن ذلك الفعل كان بسبب الكبر أو الضعف، فيظهر حينئذٍ بتلك القرينة أن ذلك أمر جبليّ، فإن قوي باستمرار عمل السلف على ترك الجلوس، فهو زيادة في الرجحان للترك، مع أن في فعلها تنبيهًا على الاستعانة على النشاط في القيام للصلاة، وإظهار التضعف بين يدي الله تعالى، ولهذا إذا نهض إلى القيام، يقوم كالعاجز، لا كالفاره، فهو أقرب إلى الخشوع الذي هو جل مطلوب الصلاة، والله أعلم.


(١) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ٨٩)، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ١٢٤).
(٢) رواه البخاري (٧٩٣)، كتاب: صفة الصلاة، باب: سنة الجلوس في التشهد، من طريق الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>