للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواز، وهو الاطلاع مع عدم المانع، أما عدم الإنكار، فمن رأى هذا الفعل، فهو متيقن، فترك المشكوك فيه، وهو الاستدلال بعدم إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخذ المتيقن، وهو الاستدلال بعدم إنكار الرائين للواقعة، وإن كان يحتمل قوله: ولم ينكر ذلك علي أحد، النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره؛ لعموم لفظ أحد، إلا أن فيه ضعفًا؛ لأنه لا معنى للاستدلال بعدم إنكار غير النبي - صلى الله عليه وسلم - مع حضرته، وعدم إنكاره إلا على بعد (١).

وفي الحديث دليل على: جواز ركوب الصبي المميز الحمار وما في معناه، وأن الولي لا يمنعه من ذلك، وأن صلاته صحيحة، وأن الإمام سترة لما وراءه، وجواز إرسال الدابة من غير حافظ، أو مع حافظ غير مكلف، وعلى احتمال بعض المفاسد لمصلحة أرجحَ منها؛ فإن المرور أمام المصلين مفسدة، والدخول في الصلاة وفي الصف مصلحة راجحة، فاغتفرت المفسدة للمصلحة الراجحة من غير إنكار.

* * *

[الحديث الرابع]

عَنْ عَائشِةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَرِجْلَايَ في قِبْلَتِهِ، فَإذَا سَجَدَ، غَمَزنِي، فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ، وَإِذَا قَامَ، بَسَطْتُهُمَا، وَالبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ (٢).

تقدم الكلام على عائشة.

وأما قولها: "فإذا سجد غمزني"، قال صاحب "المطالع": أي: طعن بإصبعه فيَّ لأقبضَ رجليَّ من قبلته (٣).


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٤٤ - ٤٥).
(٢) رواه البخاري (٣٧٥)، كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على الفراش، ومسلم (٥١٢)، كتاب: الصلاة، باب: الاعتراض بين يدي المصلي.
(٣) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>