للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أوله، والصحيح من مذهب الشافعي وأصحابه أنه لا يدخل وقته إلا بفراغ المصلي من صلاة العشاء، وفي وجه: يدخل وقته بدخول وقت العشاء، وفي وجه: لا يصح الإيتار بركعة إلا بعد نفل بعد العشاء، وأما آخر وقته، فيمتد إلى آخر طلوع الفجر الثاني، وقيل: يمتد إلى صلاة الصبح، وقيل: يمتد إلى طلوع الشمس، والأحاديث الصحيحة تدل للأول والثاني؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الصبح عقب طلوع الفجر الثاني بيسير، فعبر في بعض الأحاديث بفعل الصبح عن طلوع الفجر؛ لقربه منه، واتفق العلماء على جواز فعله في جميع ما بين أول وقته وآخره، لكنهم اختلفوا في أن الأفضل تقديمه في أول الليل، أو تأخيره إلى آخره، ولا شك أن ذلك يختلف باختلاف الحالات، وطرآن الحاجات، وخصوصية الأوقات، فمن وثق أن يقوم آخر الليل، فلا شك أنه أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنَّ صلاةَ آخر الليل مشهودة" (١)، وذلك أفضل؛ ومعناه تشهده ملائكة الرحمة، ومن لا يثق بذلك، فالتقديم له أفضل؛ لحديث أبي هريرة وغيره في "الصحيح": "أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - ألَّا أنام إلا على وتر" (٢).

ولا شك أن آخر الليل أفضل من أوله وأوسطه، وفيما بين نصفه الأول وسدسه الآخر أفضل من الأول والآخر، وحكى بعض العلماء عن أصحاب الشافعي وجهين مطلقًا في أن الأفضل الوترُ أولَ الليل وآخره، والصواب فيه التفصيل الذي ذكرناه، وإذا نظرنا إلى آخر الليل من حيث هو، كان فعل الوتر فيه أفضل، فإذا عارضه احتمال تفويته، قدمناه على فوات الفضيلة، وهذه قاعدة كبيرة تدخل تحتها مسائل كثيرة، من جملتها: إذا كان عادمًا للماء، ويرجو وجوده آخر الوقت، فهل بقدم التيمم أول الوقت إحرازًا لتحقق الفضيلة أوله، أم يؤخره إحرازًا للوضوء؟

فيه قولان للشافعي، المختار: تقديمُ الصلاة بالتيمم أول الوقت، وهكذا كل


(١) رواه مسلم (٧٥٥)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: من خاف ألَّا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، عن جابر بن عبد اللهِ - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (١١٢٤)، كتاب: التطوع، باب: صلاة الضحى في الحضر، ومسلم (٧٢١)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب صلاة الضحى.

<<  <  ج: ص:  >  >>