للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعية، منهم: القاضي حسين، وأبو حسين المتولي، والروياني، واختاره الطبري؛ لما ثبت في "صحيح مسلم" من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر والعصر جمعًا بالمدينة في غير خوف ولا سفر (١)، وفي رواية من حديثه أيضًا: جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر، قال الراوي عن ابن عباس: قلت له: لِمَ فعل ذلك؟ قال: كي لا يُحرجَ أمته (٢).

وهو محمول عند العلماء على المرض، وقد فعله ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقال لمن استعجله في صلاة المغرب وقد بدت النجوم: أتعلمني بالسنة لا أمَّ لك؟! رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء، فأتيت أبا هريرة فسألته، فصدَّق مقالتَه (٣)، وتأويلُه عندهم على المرض، وفعلُ ابن عباس، وتصديقُ أبي هريرة يدلان على أن الحديث معمول به غير منسوخ، ومن هذا المعنى المشقةُ في المرض أشدُّ من المطر.

واعلم أن الترمذي - رحمه الله - قال في آخر كتابه في "العلل": ليس في كتابي حديث أجمعت الأمة على ترك العمل به إلا حديث ابن عباس في الجمع [بين الصلاتين] من غير خوف ولامطر، وحديث قتل شارب الخمر في الرابعة (٤)، أما قوله في قتل شارب الخمر، فمسلَّم، وهو منسوخ دل الإجماع


(١) رواه مسلم (٧٠٥)، (١/ ٤٩٠)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر.
(٢) رواه مسلم (٧٠٥)، (١/ ٤٩٠)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر.
(٣) رواه مسلم (٧٠٥)، (١/ ٤٩١) كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر.
(٤) انظر: "العلل الصغير" للترمذي (ص:٧٣٦)، وانظر: "شرح العلل" لابن رجب الحنبلي (١/ ٣٢٣ - ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>