للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصح: تسميته بالوجوب في المسنون، فما يتأدى به الواجب في الخطبة الواجبة يتأدى به السنة في الخطبة المسنونة.

وقوله: "ثم مضى حتى أتى النساءَ فوعظهنَّ وذكَّرهن وقال: تَصَدَّقْنَ" هذا المضيُّ إلى النساء صريح في أنه كان بعدَ الفراغ من خطبة العيد، ووقع في رواية في "صحيح مسلم" ما يوهم أنه - صلى الله عليه وسلم - نزل من المنبر في أثناء الخطبة، فأتى النساء فوعظهن، لا بعد الفراغ منها، وقطع القاضي عياض به، وليس كما قال، وقد وقع في "صحيح مسلم" -أيضًا- في حديث جابر هذا بأنه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى ثم خطب الناس، فلما فرغ، نزل فأتى النساء، فذكرهن (١)، والله أعلم.

قوله: "فإنكن أكثر حطب جهنم" جهنمُ: اسمٌ من أسماء النار -أعاذنا الله منها- وحطبُها: وَقودُها، والحصب في لغة أهل اليمن والحبشة: الحطب، وإنما كنَّ كذلك؛ لعدم طاعة الله في أنفسهن وأزواجهن وشكرِهن لله تعالى على نعمه.

قوله: "فقامت امرأةٌ من سِطَةَ النساء" أصلُ هذه اللفظة من الوسط الذي هو الخيار، وهي -بكسر السين المهملة وفتح الطاء المخففة-، ووقع في بعض نسخ "صحيح مسلم": من وَاسطة النساء (٢)، يقال: فلان من أوساط قومه، وواسطة قومه، ووسط قومه، وقد وسط وساطة وسِطَةً، ويقال: وسطتُ القوَم أَسِطُهم وَسْطًا وسِطَة؛ أي: توسطتهم.

قال القاضي عياض: معنى هذه اللفظة الخيارُ؛ أي: من خيار النساء، والوسط: العدل والخيار، قال: وزعم بعض الفضلاء الحذاق أن الرواية فيها تصحيف وتغيير من بعض رواة "صحيح مسلم"، وأن الأصل في الرواية من سفلة النساء، فاختلطت الفاء باللام، فصارت طاء، ويؤيد ذلك رواية ابن أبي شيبة: والنسائي من "سفلة النساء" (٣)، وفي رواية لابن أبي شيبة: "فقامت امرأة ليست


(١) الرواية في "الصحيحين"، وقد تقدم تخريجها في حديث الباب.
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٦/ ١٧٥).
(٣) ورواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٣١٨)، والنسائي (١٥٧٥)، كتاب: صلاة العيدين، =

<<  <  ج: ص:  >  >>