للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "واجعلن في الأخيرة كافورًا أو شيئًا من كافور" الحكمة في الكافور في غسل الميت الحفظُ لبدنه، ولعل ذلك السبب في جعله في الأخيرة؛ فإنه لو جعل في غسل غيرها من الغسلات قبلها، لأذهبه، فلا يحصل المقصود من ذلك، مع ما فيه من تطييب الميت وإكرامه وتبريد بدنه وتصليبه، وذلك يمنع إسراع الفساد إليه.

وقولها: "فأعطانا حِقْوهُ " -بكسر الحاء وفتحها- لغتان: وهو الإزار، وأصل الحقو معقدُ الإزار، وسمي به الإزار مجازًا؛ لملازمته إياه، وهو من باب تسمية الشيء باسم ما يلازمه، وجمع الحقو: أَحْقٍ وحِقًى، ويجمع -أيضًا- على أحقاء؛ كدلو وأدلاء ودِلًى (١).

وقولها: فقال: "أشعرنها إياه" معناه: اجعلنه شعارًا لها، والشعار ما يلي الجسد، والدثار ما فوقه، والحكمة في إشعارها به تبريكها بآثاره - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها" هذا أمر بإكرام ميامن الميت، ومواضع الطهارة من بدنه؛ تشريفًا لها على سائر البدن، فإن البدأة بالشيء يقتضي الاهتمام به، لكن إذا فعل ذلك، هل هو وضوء حقيقي، أو هو جزء من الغسل خُصت به المذكورات من الميامن ومواضع الوضوء تشريفًا؟ فيه كلام.

قولها: "وجعلنا رأسها ثلاثة قرون"؛ أي: ثلاث ضفائر، وتضمن ذلك تسريح شعر الميت وضفره.

وفي هذا الحديث أحكام كثيرة:

منها: أن العالم يجب عليه الابتداء بتعليم العلم إذا علم أن العامل يجهل ذلك العلم، أو يقصر في العمل به.

ومنها: أن النساء أحقُّ بغسل الميتة من زوجها، وقد يمنع ذلك من يتحقق أن


(١) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (١/ ٤٦)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ٢٧٥)، و"لسان العرب"، لابن منظور (١٤/ ١٩٠)، (مادة: حقو).

<<  <  ج: ص:  >  >>