للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وداود في آخر أمره: إنها سنة ليست واجبة؛ لأن فرض بمعنى قدر على سبيل الندب، وقال أبو حنيفة: هي واجبة ليست فرضًا، بناء على مذهبه في الفرق بين الواجب والفرض.

قال القاضي عياض: وقال بعضهم: الفطرة منسوخة بالزكاة.

قال شيخنا أبو زكريا النواوي - رحمه الله -: هذا غلط صريح، والصواب أنها فرض واجب (١).

وقوله: "صدقةَ الفطر، أو قال: رمضان" مقتضاه إضافة هذه الزكاة إلى الفطر من رمضان، لا بغير وقت وجوبها؛ لعدم استلزام اللفظ ذلك، بل يقال: بالوجوب من قوله: فرض، ويؤخذ وقت الوجوب من أمر آخر.

وقال ابن قتيبة: معنى صدقة الفطر؛ أي: صدقة النفوس، والفطرة أصل الخلقة (٢)، وهذا بعيد مردود؛ لقوله في "صحيح مسلم": "فرض النبي - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر من رمضان".

واختلف العلماء في وقت وجوبها، فالصحيح من قول الشافعي: أنها تجب بغروب الشمس، ودخول أول جزء من ليلة عيد الفطر، والثاني: تجب بطلوع الفجر ليلة العيد، وقال بعض أصحابه: تجب بالغروب والطلوع معًا، فإن ولد مولود بعد الغروب، أو مات قبل الطلوع، لم تجب، وعن مالك روايتان كالقولين، وعند أبي حنيفة: تجب بطلوع الفجر.

وسبب هذا الخلاف أن الشرع قد أضاف هذه الزكاة للفطر، وهل هو الفطر المعتاد في سائر الشهر، فيكون الوجوب من وقت الغروب، أو الفطر المعتاد في كل يوم فيكون من طلوع الشمس، أو المراد أول الفطر المأمور به يوم الفطر، فيكون من طلوع الفجر؟ لكن لم أعلم أحدًا قال بوجوبها عند طلوع الشمس يوم الفطر، بل قال أصحاب الشافعي: الأولى أن تخرج يوم الفطر قبل صلاة العيد،


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٧/ ٥٨).
(٢) انظر: "غريب الحديث" لابن قتيبة (١/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>