للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "وَالخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ"؛ أي: ابتداؤه وانتهاؤه، والتَّوفيق له من فضلك، وهو من باب صلاح الخطاب، كما في قوله -عزَّ وجلَّ-: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشُّعراء: ٨٠].

وقوله: "وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالعَمَلُ" أمَّا الرَّغباء: فتروى بفتح الرَّاء وبالمد، وبضم الراء والقصر، كالنَّعماء والنُّعمى، فمن فتح، مدَّ، ومن ضمَّ، قصر، قال القاضي عياض - رحمه الله -: وحكى أبو علي فيه -أيضًا- الفتحَ مع القصر، مثل سَكْرى، ومعناه هنا: الطَّلب والمسألة لمن بيده الخير، وهو المقصود بالعمل المستحقِّ للعبادة، والعمل فيه محذوف تقديره: العمل والقصد إليك، والانتهاء؛ لتجازي عليه، ويحتمل أن يقدَّر: والعمل لك، والله أعلم.

هذا ما يتعلَّق بألفاظ التَّلبية ومعانيها.

أمَّا أحكامها: فهي مشروعة إجماعًا، واختلف العلماء، هل هي سنَّة، أم واجبة، أم شرط لصحَّة الحجِّ؟ فقال الشَّافعيُّ - رحمه الله - وآخرون: هي سنَّة، لو تركها، صحَّ حجُّه، ولا دم عليه، وفاته الفضيلة.

وقال مالك - رحمه الله -: ليست بواجبة، لكن لو تركها، لزمه دم، وصحَّ حجه.

وقال بعض أصحاب الشافعي: هي واجبة، تجبر بالدَّم، ويصحُّ الحجُّ بدونها.

وقال بعضهم: هي شرط لصحَّة الإحرام، فلا يصحُّ هو ولا الحجُّ إلَّا بها.

والصَّحيح الأول.

وينعقد الحجُّ بالنيَّة بالقلب من غير لفظٍ، كما ينعقد الصوم بها فقط عند مالك والشَّافعيِّ.

وقال أبو حنيفة: لا ينعقد إلَّا بانضمام التَّلبية أو سَوْق الهدي إلى النيَّة، ويجزي عنده عن التلبية ما في معناها؛ من التَّسبيح والتَّهليل وسائر الأذكار، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>