للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستطاعة المتَّفق عليها، أن يجب عليها الحجُّ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ لاِمْرَأَة" الحديث خاص بالنِّساء، عام في الأسفار، فإذا قيل: وأخرج عنه سفر الحجِّ بقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧]، قال المخالف: ويعمل بقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧]، فتدخل المرأة فيه، ويخرج سفر الحجِّ عن النَّهي، فيقوم في كلِّ واحد من الحديثين عموم وخصوص، ويحتاج إلى التَّرجيح من خارج.

وذكر بعض الظَّاهرية: أنَّه يذهب إلى دليل من خارج، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا إماءَ الله مساجدَ الله" (١)، ولا يتَّجه ذلك؛ لكونه عامًّا في المساجد، ويمكن أن يخرج عنه المسجد الَّذي يحتاج إلى السَّفر في الخروج إليه؛ لحديث النَّهي.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَسِيرةَ يَوْمِ وَلَيْلَةٍ، إلَّا وَمَعَهَا حُرْمَةٌ" وللبخاريِّ: "مَسِيرَةَ يَوْمٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ" تقدَّم الكلام على اختلاف الرِّوايات، في مسيرة السَّفر، والمراد منها كلِّها، وعلى حقيقة المحرم.

ولا شكَّ أنَّ ذا المحرم عامٌّ في محرم النَّسب؛ كأبيها، وأخيها، وابن أخيها، وخالها، وعمِّها، ومحرم الرّضاع، ومحرم المصاهرة؛ كأبي زوجها، وابن زوجها، واستثنى بعضهم ابنَ زوجها، وقال: يكره السَّفر معه؛ لغلبة الفساد في النَّاس بعد العصر الأوَّل؛ ولأنَّ كثيرًا من الناس لا ينزل زوجةَ الأب في النَّفرة عنها منزلةَ محارم النَّسب، والمرأة فتنة، إلا فيما جبل الله النفوسَ عليه في النفرة عن محارم النسب.

والحديث عامٌّ، فإن كانت الكراهة للتَّحريم إلَّا مع محرمية، لزم الزَّوج، وهو بعيد مخالف لظاهر الحديث، وإن كان للتنزيه للمعنى المذكور، فهو أقرب تشوقًا إليه، ويقويه استثناء السَّفر مع المحرم، فيصير التَّقدير: إلَّا مع ذي محرم، فيحلُّ.


(١) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>