للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّواف، وقال اللَّيث: لأنَّها تبكُّ أعناقَ الجبابرة؛ أي تدقُّها، والبكُّ: الدَّقُّ.

ويقال لمكَّة -أيضًا-: أمُّ القرى، والبلد الأمين، وأمّ رُحْم، بضم الرَّاء وسكون الحاء المهملة؛ لأن الرحمة تنزل بها، وصَلاحِ -بفتح الصاد وكسر الحاء مبني على الكسر كقطام-، ونظائرها، والباسَّة -بالباء-؛ لأنَّها تبسُّ الظالم؛ أي: تحطِّمه، والناسّة -بالنون-، والنساسة؛ لأنها تنس الملحد فيها؛ أي: تطرده. وقيل: لقلَّة مائها، وهو اليبس؛ حكاه الجوهريُّ عن الأصمعي، والحاطِمة، والرَّأس، وكُوثَى -بضمِّ الكاف وبفتح المثلّثة-، والعرش، والقادسةُ، والمقدَّسة، فهذه ستة عشر اسمًا (١).

وكثرة الأسماء؛ لشرف المسمَّى، ولهذا كثرت أسماء الله -عزَّ وجلَّ- ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

وهي أفضل البقاع، عند الشَّافعيِّ والجمهور، وقال مالك وطائفة: المدينة أفضل، وقال القاضي عِيَاض - رحمه الله -: الخلاف إنَّما هو فيما عدا مدفن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أمَّا مدفنه، فهو أفضل بقاع الأرض مطلقًا، ونقل الإجماعَ عليه، والله أعلم (٢).

قوله: "ائْذَنْ لي أَيُّهَا الأَمِيرُ أَنْ أُحَدِّثَكَ": إنما استأذنه في تحديثه؛ ليكون أدعى إلى قبول حديثه، وتحصيل الغرض منه؛ فإنَّ الغَلَط عليه قد يكون سببًا لإثارة نفسه، ومعاندة من يخاطبه.

وقوله: "أُحَدِّثكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي" إنَّما قال ذلك تخفيفًا لما يريد أن يخبره به.

وقوله: "سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ" نفيٌ لتوهُّم أن يكون رواه عن غيره.

وقوله: "وَوَعَاهُ قلبي" تحقيق لفهمه، والتَّثبّت في تعقل معناه.


(١) انظر: "أخبار مكة" للأزرقي (ص: ٢٨٠)، وما بعدها، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ١١٤)، و "تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص: ١٣٣ - ١٣٤).
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٩/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>