للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في ناحية أخرى، وبلال قريبٌ منه، ثمَّ صلَّى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فرآه بلال؛ لقربه، ولم يره أسامة؛ لبعده واشتغاله، وكانت صلاته خفيفة، فلم يرها أسامة لإغلاق الباب مع بعده واشتغاله بالدُّعاء، وجاز له نفيها عملًا بظنِّه، وأمَّا بلال، فتحققَّها، فأخبر بها، والله أعلم.

مع أنَّه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بين العمودين، فقد يكون أسامة في ناحيةٍ من البيت حجبه عن رؤية النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - العمودُ بينه وبينه، والظُّلمة الحاصلة بغلق الباب، بخلاف بلال، فإنَّه كان قريبًا منه - صلى الله عليه وسلم -، وفي سنِّه، وأسامة كان عمره إذ ذَّاك، إمَّا خمس عشرة سنةً، وإما ست عشرة سنة، وإمَّا سبع عشرة سنة، على اختلافٍ فيه.

وإنَّ دخوله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة وصلاتَه فيها كان يوم الفتح، بلا خلافٍ، لا في حجَّة الوداع، والله أعلم.

واعلم: أنَّ البيت على أعمدةٍ في داخله، ففي رواية الكتاب: "أنَّه صلَّى بين العمودين اليمانيين"، وفي "صحيح مسلم": "جعل عمودين عن يساره، وعمودًا عن يمينه" (١)، وفي روايةٍ للبخاريِّ: "عمودين عن يمينه، وعمودًا عن يساره"، وكذلك هو في رواية "الموطَّأ"!، وأبي داود (٢)، وفي رواية للبخاريِّ أيضًا: "عمودًا عن يمينه، وعمودًا عن يساره" (٣). ويمكن الجمع بينهما، إن ثبت أنَّه صلَّى أكثر من ركعتين، أو أنَّه انتقل في الركعتين من مكان إلى مكان بحيث لا تبطل صلاته به، والله أعلم.

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: استحباب دخول الكعبة والصلاة فيها.


(١) رواه مسلم (١٣٢٩)، (٢/ ٩٦٦).
(٢) رواه البخاري (٤٨٣)، كتاب: سترة المصلي، باب: الصلاة بين السواري في غير جماعة، وأبو داود (٢٠٢٣)، كتاب: المناسك، باب: في دخول الكعبة.
وقد رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ٣٩٨) إلا أنه قال فيه: "جعل عمودًا عن يمينه، وعمودين عن يساره".
(٣) انظر تخريج الحديث المتقدم عند البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>