للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صوت إنسانين يعذَّبان في قبورهما.

قال ابن مالك في "توضيحه": فيه شاهد على جواز إفراد المثنى معنى، إذا كان جزء ما أضيف إليه اثنين، نحو أكلت رأس شاتين، وجمعه أجود نحو: (فقد صغت قلوبكما) [التحريم: ٤] والتثنية مع أصالتها قليلة الاستعمال، وقد اجتمعت التثنية والجمع في قول الراجز:

ومَهْمَهَيْنِ قذفينْ مَرْتَيْن ... ظَهراهما مثلُ ظهور التُرْسَيْن

فإن لم يكن المضاف جزء ما أضيف إليه، فالأكثر مجيئه بلفظ التثنية، نحو: استلّ الزيدان سيفهما، وإن أُمِن اللبس جاز جعل المضاف بلفظ الجمع، وفي: "يعذّبان في قبورهما" شاهد على ذلك، وكذا قوله صلى الله عليه وسلم لعليّ: إذا أخذتما مضاجعكما، وقوله: إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير، قال ابن مالك: فيه استعمال في دالة على التعليل، وهو مما خفي على أكثر النحويين مع وروده في القرآن والحديث والشعر القديم، فمن الوارد في القرآن قوله تعالى: (لولا كتابٌ من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) [الأنفال: ٦٨]. وقوله تعالى: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم) [النور: ١٤]، ومن الوارد في الحديث: عذبت امرأة في هرة حبستها، وقوله: ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، فإن "في" في كل ذلك بمعنى الباء الدالة على السببية، ومن الوارد في الشعر القديم قول جميل:

<<  <  ج: ص:  >  >>