للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذين لم يظهروا على عورات النساء) [النور: ٣١]، قوله: ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه، قال الزركشي: فيه وجهان: أحدهما أن الاستثناء متصل: أي عمل رجل، لاستثناء من العمل، والثاني أنه منقطع، أي لكل رجل يخرج مخاطرًا بنفسه فلم يرجع بشيء أفضل من غيره. وقال ابن مالك في "توضيحه": في هذا الحديث إشكال من وجهين: أحدهما عود ضمير مؤنث في (منها) إلى العمل وهو مذكر، والثاني استثناء رجل من الجهاد وإبدال منه مع تباين جنسيهما، فأما الأول: فوجهه أن الألف واللام في العمل لاستغراق الجنس، فصار بهما فيه عموم مصحح لتأوله بجمع كغيره من أسماء الجنس المقرونة بالألف واللام الجنسية، ولذلك يستثنى منه: نحو: (إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا) [العصر: ١]، ويوصف بما يوصف به الجمع كقوله تعالى: (أو الطفل الذين لم يظهروا) [النور: ٣١]، وكقول بعض العرب: أهلك الناس الدرهم البيض والدينار الحمر، فلما جاز أن يوصف بما يوصف به الجمع، لما حدث فيه من العموم، كذلك يجوز أن يعاد إليه ضمير، كضمير الجمع، فيقال: الدينار بها هلك كثير من الناس لا به في تأويل الدنانير، وما العمل في أيام أفضل منها في هذه الأيام، لأنه في تأويل الأعمال، ويجوز أن يكون أنّث ضمير العمل لتأويله بحسنة كما أوّل الكتاب بصحيفة من قال: أتته كتابي، وأما الثاني فالوجه فيه أنه على تقدير: ولا الجهاد إلاّ جهاد رجل، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، والأصل: أوَلا الجهادُ؟، لأن قائل ذلك مستفهم لا مخبر، وظهور المعنى يسوّغ الهمزة، كما سوغه في قوله صلى الله عليه وسلم: وإنْ زنى وإنْ سرق، فإن الأصل فيه أو إنْ زنى أو إنْ سرق؟ انتهى.

قوله في الرواية الأخرى: (ما من أيام العملُ الصالحُ فيهن أحبُّ إلى الله تعالى من هذه الأيام العشر)، قال الطيبي: العمل مبتدأ، وفيهن متعلق به، والخبر أحبّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>