للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليس هذا موضعها لأن فيها خروجًا عن المقصود.

والقول الثالث لجماعة من النحويين أن الكاف اسم كأن (ولم يكن) الخبر، والباء ظرفية متعلقة بيكن إن قدّرت تامة، وبمحذوف هو الخبر إن قدّرت ناقصة، وعلى هذا القول فالتاء في تكن للخطاب لا للتأنيث، وضميرها للمخاطب لا للدنيا، وكذا البحث في لم تزل، وعلى القولين الأولين الأمر بالعكس، التاء للتأنيث والضميران للدنيا والآخرة، وهذا القول خير من القولين قبله، والمعنى كأنك لم تكن في الدنيا وكأنك لم تزل في الآخرة.

والقول الرابع لابن عمرون: إن الكاف اسم كأن، وبالدنيا وبالآخرة خبران، وكل من جملتي لم تكن ولم تزل في موضع نصب على الحال، وإنما تمت الفائدة بهذا الحال، والفضلات كثيرًا ما يتوقف عليها المعنى المراد من الكلام، كقولهم ما زلت بزيد حتى فعل ذلك في الحال، وكقوله تعالى: (فما لهم عن التذكرة معرضين) [المدثر: ٤٩] فما: مبتدأ، ولهم: الخبر والتقدير: أي شيء يستقر لهم، ومعرضين حال من الضمير المجرور باللام ولا يستغني الكلام عنه، لأن الاستفهام في المعنى عنه لا عن غيره، وخطر لي وجه ظننت أنه أجود الأقوال وهو أن الكاف اسم كأن، ولم تكن الخبر، وبالدنيا في موضع الحال من اسم كأنّ، والعامل في الحال العامل في صاحبها وهو كأن، كما عملت في رطبًا ويابسًا من قوله:

كأنّ قلوبَ الطير رطبًا ويابسًا ... لدى وكرها العُنَّابُ والحشف البالي

المعنى كأنك في حالة كونك في الدنيا لم تكن: أي بها، وكأنك في حالة كونك في الآخرة لم تزل: أي بها، وهذا عكس قول ابن عمرون، فإن قلت يدل على صحة ما قاله من أن الجملة لم يكن ولم يزل حالية أنه قد روي كأنك بالدنيا ولم تكن،

<<  <  ج: ص:  >  >>