للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السؤال ب (ما) أن تتعرف بها حقيقة الشيء لا عدده. وفيه جوابان:

أحدهما: أن يكون تقديره: ما عدد آنية الحوض؟ فحذف المضاف وجاء الجواب على ذلك، وأن عددها غير محصور بل هي أكثر من نجوم السماء.

والثاني: أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم الآنية من أي شيء هي، فعدل عن سؤاله إلى بيان كثرتها. وفي ذلك تفخيم لأمرها وتنبيه على تعظيم شأنها. ومثل ذلك قوله تعالى: (وما رب العالمين) [الشعراء: ٢٣] فقال: (رب السموات والأرض) [الشعراء: ٢٤] فعدل عن حقيقة جواب السؤال إلى ما هو معلوم يحصل به الغرض. وفي آخر هذا الحديث:

(آنية الجنة من شرب منها لم يظمأ آخرَ ما عليه). قوله: (آخر ما عليه) منصوب على الظرف، والتقدير: لم يظمأ أبدًا، وقد جاء في حديث آخر بهذا اللفظ. والمعنى: لم يظمأ ذلك الشارب إلى آخر مدة بقائه، ومعلوم أنه يبقى أبدًا، فيكون معناه لم يظمأ أبدًا. انتهى.

وكذا قال البطليوسي في "أجوبة المسائل": الوجه فيه النصب على الظرف. وهو كقوله في الحديث الآخر: (لم يظمأ بعدها أبدًا) فهذا يفسر ما أشكل من ذلك الحديث، وحقيقة تقديره: لم يظمأ آخر ما عليه أن يبقى. والعرب تستعمل (الآخر) تريد به معنى الأبد كقول الشاعر:

أما لك عمرٌ إنما أنت جثّةٌ ... إذا هي لم تقتل تعش آخر الدهر

انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>