للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصح الجواز، وشذ بعض أصحابنا فشرط فيه السوط وقال: لا يجوز بالثياب والنعال، وهذا غلط فاحش مردود على قائله لمنابذته لصريح هذه الأحاديث. انتهى.

قوله: "في رواية الترمذي فجلده بجريدة" هكذا بالإفراد هنا، وفي "الجامع" (١) والذي في الترمذي "بجريدتين" بلفظ التثنية.

قال النووي (٢): في رواية مثل هذه اختلفوا في معناه فأصحابنا يقولون معناه: كانت الجريدتان مفردتين جلد بكل واحد منهما عدداً حتى كمل من الجميع أربعون.

وقال آخرون: ممن يرى أن جلد الخمر ثمانون، معناه: أنه جمعهما وجلده بهما أربعين جلدة فيكون المبلغ ثمانين، وتأويل أصحابنا أظهر؛ لأن الرواية الأخرى مبينة [٢٨٠ ب] لهذه، وأيضاً حديث (٣) علي - رضي الله عنه - مبين لها. انتهى.

قلت: بل آخر حديث (٤) الترمذي وهو صريح أنه ليس في عصره - صلى الله عليه وسلم - إلا الأربعون، ويدل له قوله "فلما كان عمر - أي [خلافته] (٥) أو في خلافته - استشار الناس.

قوله: "استشار الناس" فيه دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعين (٦) في الخمر حداً معيناً، بل كان يقتصر في ضرب الشارب على ما يليق به، فلما كثر الشرب في زمن عمر استشار الصحابة، ولو كان عندهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء محدود لما تجاوزوه كما لم يتجاوزوا حدّ القذف، ولو كثر القاذفون أو بالغوا في الفحش.


(١) (٣/ ٥٨٢).
(٢) في شرحه لـ "صحيح مسلم" (١١/ ٢١٨).
(٣) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (٣٨/ ١٧٠٧).
(٤) في "السنن" رقم (١٤٤٣) وهو حديث صحيح، وقد تقدم.
(٥) في (أ) بخلافته.
(٦) انظر "فتح الباري" (١٢/ ٦٦ - ٦٧). "الاستذكار" (٢٤/ ٢٧٣) و"شرح معاني الآثار" (٣/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>