للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحسد خلق نفس ذميمة وضيعة ساقطة ليس فيها حرص على الخير ولا همة عليه، فلعجزها ودنائتها تحسد من يكسب الخير والمحامد، ويفوز بها دونها، فتمني أنه لو فاته كسبها حتى يساويها في عدم الهمة في كسب الخير، ومراد الحديث: لا غبطة إلا في هاتين الخصلتين، فعبّر بالحسد عن الغبطة اتساعاً في ذلك لتقاربهما.

وقال الكرماني (١): يحتمل أن يكون الحديث من قبيل قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} (٢) كأنه قيل: لا حسد إلا في هاتين والذي فيهما غبطة فلا حسد أصلاً، فإن قيل (٣): الحسد قد يكون في غيرهما فما وجه الحصر قيل: إما لأن القصد لا حسد جائز في شيء إلاّ في اثنتين، أو: لا رخصة في الحسد إلا فيهما ونحو ذلك، قال الخطابي (٤) معنى الحديث "الترغيب" في التصدق وتعلم العلم.

وقال ابن بطال (٥): إن الغني إذا قام بشروط المال وفعل فيه ما يرضي الله كان أفضل من الفقير العاجز.

وقال عبد الله بن أحمد: إنه وجد الحديث في "المسند" بخط أبيه "لا تنافس [٢٩٧ ب] بينكم إلا في اثنتين"، فعلى هذا معناه: نفي مشروعية الحسد أو النهي عنه إلا في الخصلتين المذكورتين.

قوله: "رجل آتاه الله الحكمة" وهي العلم والعمل به، ويأتي في حديث ابن عمر "آتاه الله القرآن" فيحتمل أنه المراد بالحكمة هنا.


(١) في شرحه لـ "صحيح البخاري" (٢/ ٤٣).
(٢) سورة الدخان الآية (٥٦).
(٣) قاله الكرماني في شرحه لـ "صحيح البخاري" (٢/ ٤٢).
(٤) ذكره الكرماني في شرحه لـ "صحيح البخاري" (٢/ ٤٢).
(٥) في شرحه لـ "صحيح البخاري" (١/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>