للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلنا: "فسراه" فمرادنا ابن الأثير وصاحب التيسير، ولما قد شرح هذه الأسماء الحسنى جماعة من أئمة العلم؛ رأيت من كمال الإفادة نقل غالب ما قالوه، وتركت ما يطول به من ضرب الأمثال ونحوها من الأقوال.

فإن قلت: "تفاسير ابن الأثير وصاحب التيسير" هي التفاسير بمعناها لغة، فهذه التفاسير التي أتى بها شراح [٤١٩ ب] الأسماء الحسنى ما مستندهم فيها؟

قلتُ: لا ريب أن أهل اللغة يفسرونها بالمعاني اللغوية باعتبار ما عرفوه فيمن يتصف بها من العباد، وشراح الأسماء نظروا إلى وصف الله بها، وقد علم أنه ليس مثله شيء في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله، فإذا وجدناه قد وصف نفسه بشيء مما يطلق على العباد فلا نقتصر بتفسيره على ما فسرناه به ذلك اللفظ الذي أطلق على العباد وقاله أهل اللغة، فإنهم إنما قالوه ناظرين إلى ما عرفوه ممن اتصف به من العباد، فإن اقتصرنا عليه في اللفظ الذي أطلق عليه تعالى كان تقصيراً به عن حقه، وربما كان تشبيهاً بخلقه، فإنك تصفه بأنه عالم كما وصف به نفسه، وتصف العالم من العباد بذلك وبين العلمين من التفاوت ما لا تحيط به عبارة؛ فإن الله تعالى [ذاتي] (١) بعلمه الغيب والشهادة، ويعلم السر وأخفى، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.

وعلم العباد إنما هو بتعليم الله، كما قالت الملائكة الذين - هم هم -: {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} (٢)، وقال لأكرم خلقه عليه: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} (٣)، {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ


(١) كذا رسمت في المخطوط (أ، ب) غير مقروءة.
(٢) سورة البقرة: ٣٢.
(٣) سورة النساء: ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>