للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: الرحمة (١) هي الرقة المؤلمة تعتري من يرحم فيتحرك إلى قضاء حاجة المرحوم. هذا في حق العباد.

وأما رحمة الله؛ فهي إضافة الخير على المحتاجين وإرادته لهم عناية بهم، وفي الرحمة الحقيقية، ورحمة الله عامة تعم المستحق وغير المستحق، وتامة؛ وذلك أنه حيث أراد قضاء حاجات المحتاجين قضاها [١٢٩ ب].

قوله: "الفصل الأول في الحث عليها".

أي: في حث الرسول - صلى الله عليه وسلم - العباد على التراحم فيما بينهم، وأن يرحم بعضهم بعضاً.

قوله: "في حديث ابن عمرو: الراحمون يرحمهم الله" أقول: لفظه في "الجامع" (٢): "يرحمهم الرحمن" وهو كذلك في "سنن أبي داود، والترمذي"، فما أدري لعله سبق قلم من المصنف.

قوله: "من في الأرض" أمر برحمة كل من في الأرض؛ من حيوان فتدخل البهائم، والطير، فضلاً عن بني آدم، وليس المراد مجرد الرحمة؛ بل وإزالة ما رحم الحيوان لأجله، فإن رحم الجائع أطعمه إن قدر؛ أو يسعى في ذلك. أو العاري؛ كساه، أو المريض؛ رقاه.

والحاصل: أن الرحمة بمجردها خير، ولكن ليست المرادة بمجردها، بل المراد منها مسببها، وهي كشف ما نزل بالمرحوم مما رحمه لأجله.

قوله: "يرحمكم من في السماء" أقول: هو مجزوم جواب الأمر، هو من باب: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (٣) أي: من جزء الفعل بجنسه، ومن في السماء يعم الملائكة وحملة


(١) انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" (ص ٢٧٩)، "التوقيف على مهمات التعاريف" (ص ٢٦٠ - ٢٦١).
(٢) (٤/ ٥١٥ رقم ٢٦١٥).
(٣) سورة الصف: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>