للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إنما كره ذلك؛ لأن المسافر إذا مات في سفره (١) ذلك لم يجد من يقوم عليه، وكذلك الإثنان لو ماتا أو أحدهما لم يجد من يعينه [٢٤٤ ب] بخلاف الثلاثة ففي الغالب تؤمن تلك الخشية.

قلت: قد سمى الرسول - صلى الله عليه وسلم - الواحد شيطان والإثنين شيطانين، وقال: "لو يعلم الناس ما في الوحدة ما سار راكب وحده" وما بعد هذه التسمية زجر، فالظاهر أنه للتحريم، وأما حكمته فلا يلزم معرفتها. وهذه الوجوه التي ذكرت تخمين، ثم إنه ليس المراد الراكب، بل والماشي لا ينفرد، وإنما ذكر الراكب خرج على الغالب.

قوله: "أخرجه مالك وأبو داود والترمذي" قلت: وقال (٢): حسن.

٤ - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا خَرَجَ ثَلاًثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ". أخرجه أبو داود (٣). [حسن]

قوله في حديث أبي هريرة: "فليؤمروا أحدهم" [قلت] (٤): هذا أمر الأصل فيه الوجوب، ويجب عليهم امتثال أمره، ويجب عليه ما يجب على الأمراء من العدل، والإنصاف، وحياطتهم، وغير ذلك.


(١) قال الخطابي في "معالم السنن" (٣/ ٨٠ - ٨١ - مع السنن): الرّاكب شيطان، معناه والله أعلم: أن التفرد بالذّهاب في الأرض من فعل الشيطان، أي: يحمله عليه الشيطان ويدعوه إليه، فقيل: إن فاعله شيطان، وكذلك الاثنان ليس معهما ثالث، فإذا صاروا ثلاثة فهم ركب، أي: جماعة. وروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال في رجل سافر وحده: أرأيتم إن مات من أسأل عنه، فإن المنفرد في السفر لو مات لم يكن عنده من يغسله ويدفنه, ولا من يوصي إليه في ماله وأهله، ويحمل خبره إليهم.
(٢) في "السنن" (٤/ ١٩٣).
(٣) في "السنن" رقم (٢٦٠٩)، وهو حديث حسن.
(٤) في (أ): "أقول".

<<  <  ج: ص:  >  >>