للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن الحنفية (١) حملوا هذا النهي في الثلاثة الأوقات على عموم كل صلاة، ولو كانت فريضة حتى صبح يومه، فلو أخر أحد صلاة الفجر حتى شرعت الشمس في الطلوع لم يجز له أن يبتدئ بها حتى يتم طلوعها وترتفع، فلو شرع فيها قبل ذلك فطلعت الشمس وهو في أثنائها بطلت ووجب اسئنافها بعد ذلك، ولم يستثنوا من ذلك إلا عصر يومه، فقالوا: له فعله عند غروب الشمس، فلو شرع فيه قبل ذلك فغربت الشمس، وهو في أثنائه أتمه، ووجهه أن بطلوع الشمس يدخل وقت النهي وبغروبها يخرج.

قلت: الدليل قائم على أن النهي في الثلاثة عن النوافل دون الفرائض كما دل له حديث: "من أدرك ركعة من الصبح قبل الطلوع، أو من العصر قبل الغروب فقد أدرك صلاته" (٢).

ولا ريب أن هذا صلى في أوقات النهي، وحكم الشارع بصحة صلاته، وثبت حديث (٣): "من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها".

وفي رواية: "لا وقت لها إلا ذلك". وهذا يدل بأن أحاديث النهي واردة في النوافل. ولكن قال ابن دقيق العيد في "شرح العمدة" (٤): إن بين الحديثين حديث: "من نام عن صلاته"، وحديث النهي عن الصلاة في الثلاثة الأوقات عموماً وخصوصاً من وجه، فحديث النهي خاص في الوقت عام في الصلاة، وحديث النوم والنسيان خاص في الصلاة الفائتة عام في الوقت، فكل واحد منهما بالنسبة إلى الآخر [٣٨٣ ب] عام من وجه خاص من وجه.

يعني: وإذا كان كذلك لم يكن القضاء [٤١/ أ] بأحدهما على الآخر لعدم المرجح.


(١) "البناية في شرح الهداية" (٢/ ٥٩).
(٢) تقدم، وهو حديث صحيح.
(٣) تقدم مراراً.
(٤) (ص ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>