للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن بدع التفاسير: أنّ الإِمام جمع أمٍ، فإن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم، وأنَّ الحكمة في الدعاء بالأمهات دون الآباء [٧١ أ/ ج] رعاية في حق عيسى بن مريم - عليه السلام - وإظهار شرف الحسن والحسين - عليهما السلام - وألا يفتضح أولاد الزنا, وليت شعري أيهما أبدع أصحة لفظة أم بها حكمته. انتهى.

قال سراج الدين: يريد أنَّ إماماً جمع أم غير سائغ، وإنما المعروف الأمهات أم لها حكمته في أنَّ حق عيسى في اختياره بالدعاء، فإن جعله في غير أب كرامة له لا يقضي فيه، وإظهار شرف الحسنين بدون ذلك إثم، فإن أباهما خير من أمهما مع أنَّ أهل البيت من أهل الغنى كلهم كالحلقة المفرغة.

وأمَّا افتضاح أولاد الزنا فلا فضيحة إلا للأمهات وهي حاصلة دعاء أولادهم بالأمهات، أو بالآباء، ولا ذنب لهم في ذلك حتى يترتب عليه الافتضاح.

قوله: "فحسنوا أسماءكم".

أقول: قال في "زاد المعاد" (١): لما كانت الأسماءُ قوالِبَ للمعاني، ودالَّةٌ عليها، اقتضتِ الحكمةُ أن يكون بينها وبينها ارتباطٌ وتناسبٌ، وألا يكون معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلُّقَ له بها، فإن حِكمة الحكيم تأبى ذلك، والواقعُ يشهد بخِلافه، بل للأسماء تأثيرٌ في المسمَيات، وللمسميات تأثير في أسمائها في الحُسن، والقبيح، والخِفِّة، والثِّقل، والكَثَافة، واللطَافة، كما قيل:

وقلَّما [شاهدت] (٢) عَيَنَاكَ ذَا لَقَب ... إلا ومَعْنَاهُ إن فَكَّرتَ في لَقَبِهْ


(١) في "زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن قيم الجوزية (٢/ ٣٠٧ - ٣٠٨).
(٢) في "زاد المعاد": "أبْصَرَتْ".

<<  <  ج: ص:  >  >>