للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر (١): قلت: ويحتمل أن يكون خروجه خشية أن يبدو منه في حال الغيظ ما لا يليق بجناب فاطمة - عليها السلام - فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما.

وقد ذكر ابن إسحاق عقب القصة المذكورة قال: حدثني بعض أهل العلم أنَّ علياً كان إذا غضب على فاطمة في شيء لم يكلمها، بل كان يأخذ تراباً فيضعه على رأسه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى ذلك عرف، فيقول: ما لك يا أبا تراب.

قوله: "فجاء":

أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: "وهو":

أي: علي.

قوله: "مضطجع ... إلى آخره":

فيه مكارم أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه توجه نحو علي - رضي الله عنه - ليترضاه، ومسح التراب عن ظهره ليبسطه، وداعبه بالكنية المذكورة المأخوذة من حالته، ولم يعاتبه على مغاضبته لابنته مع رفيع منزلتها عنده, فيؤخذ منه استحسان الرفق بالأصهار، وترك معاتبتهم آنفاً إبقاءً لمودتهم.

قوله: "قم أبا تراب! قم أبا تراب! ":

وفي لفظ البخاري (٢): "اجلس أبا تراب"، وقد روي للتسمية بأبي تراب شيئان آخران.

ويستفاد من الحديث جواز تكنية الشخص بأكثر من كنيته، والتلقيب بلفظ الكنية مما يشتق من حال الشخص، وأنَّ اللقب من إذا صدر من الكبير في حق الصغير تلقاه، ولو لم


(١) في "فتح الباري" (١٠/ ٥٨٨).
(٢) في "صحيحه" رقم (٦٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>