للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم حدد (١) الغنى الذي تجوز معه الصدقة, فقال: والغنى هو ما يقوم بقوت المرء، وأهله على الشبع من قوت مثله، وبكسوتهم كذلك، وسكناهم، وبمثل حاله من مركب وخادم، قال: فهذا يقع عليه في اللغة اسم غني لاستغنائه عن الناس، ثم أورد على نفسه حديث: "أيُّ الصدقة أفضل؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: جهد المقل، وابدأ بمن [٩٦ ب] تعول" (٢).

وأجاب (٣) بأن المراد جهده إن كان مقلاً من المال غير مكثر إذا بقي لمن يعول غنىً، ولا بد، ثم أورد حديث: "سبق درهم مائة ألف درهم" (٤) فقال: إِنَّه كان لصاحب الدرهم غنى وفضل، وكان له درهمان فقط فتصدق بأحدهما، فكانت نسبة الدرهم من ماله أكثر من نسبة المائة الألف من مال الآخر فقط، وليس فيه أنَّه لم يكن له غنى سواهما، وأورد قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (٥).

وأجاب (٦) بعد ذكر سبب نزول الآية: أنَّ الذي أثر على نفسه هو أبو طلحة، قال: وكان أبو طلحة أكثر [أنصاري] (٧) بالمدينة مالاً من نخل، [وقد لا يخصها لموسر أكل خاصة] (٨)،


= وأخرجه البخاري رقم (٥٢٧)، ومسلم رقم (٨٥)، والترمذي رقم (١٨٩٨)، والنسائي (١/ ٢٩٢)، من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
وهو حديث صحيح.
(١) أي: ابن حزم في "المحلى" (٩/ ١٣٨ - ١٣٩).
(٢) أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (١٦٧٧). وهو حديث صحيح.
(٣) أي: ابن حزم في "المحلى" (٩/ ١٣٩).
(٤) تقدم وهو حديث صحيح.
(٥) سورة الحشر الآية ٩.
(٦) أي: ابن حزم في "المحلى" (٩/ ١٤١).
(٧) كذا في (أ. ب) والذي في "المحلى" (٩/ ١٤١): الأنصار.
(٨) كذا في (أ. ب) والذي في "المحلى" (٩/ ١٤١): وقد لا يحضر الموسر أكل حاضر.

<<  <  ج: ص:  >  >>