للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مثل نهيه تعالى لنساء رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن لا يخضعن (١) بالقول، فيطمع الذي في قلبه مرض، والمرأة منهية أيضاً عن الخلوة بالأجنبي، كما أنه منهي عن ذلك إذ العلة واحدة وهما متلازمان.

قوله: "أخرجه الشيخان" تمامه عندهما: "فقال رجل: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة, وإنني انفضيت في غزاة كذا وكذا، فقال: ارجع فحج مع امرأتك".

الثاني: حديث أنس - رضي الله عنه -

٢ - وعن أنس - رضي الله عنه -: أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ, فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله! لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: يَا أُمَّ فُلَانٍ! انْظُرِي إلى أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ، فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ لطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا. أخرجه مسلم (٢) وأبو داود (٣) [صحيح]

"أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله! لي إليك حاجة" وفهم - صلى الله عليه وسلم - أنها سر.

"فقال: يا أم فلان! انظري إلى أي السكك" أي: الطرق.

"شئت حتى أقضي لك حاجتك، فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها" هذا لا ينافي حديث ابن عباس الأول؛ لأنها خلوة في الطرق مع معصوم على أن الطريق ليست محل خلوة إذ لا تنقطع عن المارّين.

وإنما فيه (٤) بيان خلقه - صلى الله عليه وسلم - وشفقته وإجابة كل ذي حاجة إلى قضاء حاجته.


(١) قال تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:٣٢].
(٢) في "صحيحه" رقم (٢٣٢٦).
(٣) في "السنن" رقم (٤٨١٨، ٤٨١٩) وهو حديث صحيح.
(٤) قال النووي في "شرحه لصحيح مسلم" (١٥/ ٨٢): =

<<  <  ج: ص:  >  >>