للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فأراد أن يبول، فأتى دَمَثا"، بفتح الدال المهملة والميم، فمُثلثة يأتي تفسيره بأنَّه الموضع اللين الذي فيه رمل، وفي "القاموس" (١)، دمث المكان، كفرح سهل.

"في أصل جدار فبال". أي: في أسفله، والمراد ما قابله، فإنَّه لا يمكن البول في أسفله حقيقة مع بقائه.

قال الخطابي (٢): يشبه أن يكون ذلك الجدار عادياً غير مملوك لأحد، فإنَّ البول يصير بأصل البناء، ويوهي أساسه، وهو - صلى الله عليه وسلم - لا يفعل ذلك في ملك أحد، إلَّا بإذنه، أو يكون قعوده متراخياً عنه، بحيث لا يصيبه البول، زاد النووي (٣): أو يكون علم برضى صاحب الجدار.

قوله: "إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله"، فيه حذفٌ بُيَّن عند البيهقي (٤) لفظه: "فقال: إن بني إسرائيل كانوا إذا بال أحدهم، فأصاب جسده البول، قرضه بالمقاريض، فإذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله".

قال في "النهاية" (٥): أي: يطلب مكاناً ليناً؛ لئلا يرجع عليه رَشَاش بوله.

يقال: راد، وارتاد، واستراد، ومنه الرائد الذي يبعثه القوم ليطلب لهم الماء، والكلأ.


(١) "القاموس المحيط" (ص ٢١٧).
(٢) قال في "معالم السنن" (١/ ١٥): فليرتد: أي ليطلب وليتحر، ومنه المثل: إن الرائد لا يكذب أهله، وهو الرجل يبعثه القوم يطلب لهم الماء والكلأ، يقال رادهم يرددهم رياداً وارتاد لهم ارتياداً، وفيه دليل على أن المستحب للبائل إذا كانت الأرض التي يريد القعود عليها صلبة أن يأخذ حجراً أو عوداً فيعالجها به، ويثير ترابها ليصير دمثاً سهلاً فلا يرتد بوله عليه.
(٣) في "شرحه لصحيح مسلم" (٣/ ١٦٥ - ١٦٦)، "المجموع شرح المهذب" (٢/ ٩٨).
(٤) في "السنن الكبرى" (١/ ٩٨ - ٩٩).
(٥) "النهاية في غريب الحديث" (١/ ٧٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>