للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرجه الخمسةُ (١). [صحيح].

قوله: "عن بيع الغرر".

أقول: الغرر ماله ظاهر يؤثره، وباطن يكرهه, فظاهره يغر المشتري، وباطنه مجهول.

وقال النووي (٢): هو أصل عظيم من أصول كتاب البيوع يدخل فيه مسائل كثيرة غير محصورة، كبيع الآبق، والمعدوم، والمجهول، وما لا يقدر على تسليمه وما لا يتم ملك البائع عينه، وعد نظائر لهذا كثيرة، فكل هذا بيع باطل؛ لأنه غرر من غير حاجة، وقد يحتمل بعض الغرر بيعاً كما يجهل بأساس الدار، وكما إذا باع الشاة الحامل والتي في ضرعها لبن فإنه يصح البيع؛ لأن الأساس تابع للظاهر من الدار، ولأن الحاجة تدعو إليه، ولا يمكن رؤيته، وكذا القول في الحمل واللبن، وكذا أجمع العلماء على بيع أشياء فيها غرر حقير منها، الإجماع على صحة بيع الحبة المحشوة ولم ير حشوها، ولو بيع حشوها بانفراده لم يجز.

وأجمعوا: على دخول [١٨٤/ ب] الحمام بالأجرة، مع اختلاف الناس في استعمالهم الماء. وعلى جواز الشرب من السقي بالعوض مع جهالة قدر المشروب.

قال أصحابنا: والبطلان سبب الغرر والصحة مع وجوده على ما ذكرناه، وهو أنه إن دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر ولا يمكن الاحتراز منه إلا بمشقة أو كان الغرر حقيراً جاز البيع وإلا فلا.

واعلم أن بيع الملامسة، وبيع المنابذة، وحبل الحبلة، وبيع الحصاه, وعسب الفحل، وأشباهها من البيوع التي جاء فيها نصوص خاصة هي داخلة في النهي عن بيع الغرر، ولكن أفردت بالذكر، ونهى عنها لكونها من معاملات الجاهلية المشهورة. انتهى. [٤٧/ أ].


(١) مسلم رقم (١٥١٣) والترمذي رقم (١٢٣٠) وأبو داود رقم (٣٣٧٦) والنسائي رقم (٤٥١٨). ومالك في الموطأ (٢/ ٦٦٤) وهو مرسل، لكنه بمعنى حديث أبي هريرة.
(٢) في شرحه لصحيح مسلم (١٠/ ١٥٦ - ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>