للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب. حلو المنطق، فصل، لا نزرٌ ولا هزرٌ. كأنّ منطقه خرزاث نظم ينحدرن. ربعةً لا بأس من طول، ولا تَقْتَحِمُه عين من قصر، غصناً بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء يَحُفُّون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، مَحفودٌ مَحشودٌ، لا عابس ولا مُفْند -صلى الله عليه وسلم-.

فقال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً. فأصبح صوتٌ بمكة عالياً يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه، وهو يقول:

جزى الله ربُّ الناسِ خيرَ جَزَائِه ... رفيقيْنِ قَالَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ

هما نَزَلَاها بالهُدَى واهتدت به ... فقد فاز من أمسى رفيقَ محمّد

فَيَا لقُصَي ما زَوَى الله عنكُم ... به من فَعَال لا تُجَارى وسؤدد

لِيَهن بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهدِ

دعاها بشاةٍ حائل فتحلبت ... له بصريح ضرَّةُ الشاة مُزْبِد

فغادرها رهناً لديها بحالبٍ ... يُرَدّدُها في مصدر ثم مورد

فلما سمع حسان بن ثابت الأنصاري، شاعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، شَبَّب يجاوب الهاتف، وهو يقول:

لقد خاب قومٌ زال عنهم نبيّهُمْ ... وقُدِّسَ من يَسْري إليهم ويَغْتَدِي

تَرَحَّلَ عن قوم فضَّلت عقولهمْ ... وحلّ على قوم بنور مُجَدَّدِ

هداهم به بعد الضلالة ربُّهُمْ ... وأرشدهم، مَنْ يتبع الحق يرشد

وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا ... عمى، وهُداة يهتدون بمهتد

وقد نزلت منه على أهل يثرب ... ركاب هدى حلت عليهم بأسعُد

نبيٌّ يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كلِّ مسجد

وإن قال في يوم مقالة غائب ... فتصديقها في اليوم أو في ضحا الغد

لِيهْنِ أبا بكر سعادةُ جده ... بصحبته. من يُسعد الله يَسعد

ليهن بني كعب مقامُ فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد

أخرجه الطبراني في "الكبير" (٣٦٠٥) وفي "الأحاديث الطوال" (٣٠) والآجري في "الشريعة" (١٠٢٠) والحاكم (٣/ ١١) واللالكائي "السنة" (١٤٣٣) وأبو نعيم في

<<  <  ج: ص:  >  >>