للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[١٦] {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} ظهرَه.

{إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} بأنْ يريَهم الفَرَّةَ وهو يريدُ الكَرَّةَ.

{أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} منضَمًّا إلى جماعة يريدون العودَ إلى القتال؛ أي: من انهزمَ إِلَّا على هذه النية.

{فَقَدْ بَاءَ} رجعَ {بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ} أي: مُقامُه.

{وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} هذا إذا لم يزدِ العدوُّ على الضَّعْفِ؛ لقوله: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} الآية [٦٦].

واختلفوا في حكم الآية، فقال قومٌ: هو خاصٌّ بأهلِ بدر، واحتجوا بقوله: (يَوْمَئِذٍ)، قالوا: وهو إشارة إلى يومِ بدرٍ، وأنّه نُسخ حكمُ الآيةِ بآيةِ الضعيف، وبقي الفرارُ من الزحفِ ليسَ كبيرةً، وقد فرَّ النّاسُ يومَ أحد، فعفا الله عنهم، وقال يومَ حنين: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: ٢٥]، ولم يعنِّفْ على ذلك، وإليه ذهبَ أبو حنيفةَ، وقال آخرون: حكمُ الآية باقٍ إلى يوم القيامة، فلا يجوزُ الفرارُ إِلَّا إذا زادَ الكفارُ على ضعفِ المسلمينِ، وليس في الآية نسخٌ، والدّليل عليه أنّها نزلت بعدَ القتالِ وانقضاءِ الحرب، وذهابِ اليوم بما فيه، وأمّا يومَ أحد، فإنّما فر النَّاس من أكثرَ من ضعفِهم، ومع ذلك عُنِّفوا، وأمّا يومَ حنين، فكذلك، وإلى هذا ذهب مالكٌ والشّافعيُّ وأحمدُ.

* * *

{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧)}.

[١٧] ولما التقى الجمعان ببدر، أخذ - صلى الله عليه وسلم - كَفًّا من حصباءِ الوادي معه