للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بزيادةِ كلمة (مِنْ)، وخفضِ: (تَحْتِهَا)، وكذلكَ هي في المصاحفِ المكية، وقرأ الباقونَ بحذفِ لفظةِ (من)، وكذلك هي في مصاحِفهم، واتفقوا على إثبات (من) قبلَ (تَحْتَهَا) في سائرِ القرآنِ (١)، قال ابنُ الجزريِّ في "النَّشْرِ": ويحتملُ أنه إنما لم يكتبْ (من) في هذا الموضع؛ لأن المعنى: ينبعُ الماءُ من تحتِ أشجارِها، لا أَنه يأتي من موضِعٍ ويجري تحتِ هذهِ الأشجارِ، فلاختلافِ المعنى خُولف في الخطِّ، وتكون هذه الجناتُ معدَّةً لمن ذُكر تعظيمًا لأمرِهم، وتنويهًا بفضلِهم، وإظهارًا لمنزلتهم لمبادرتهم لتصديقِ هذا النبيِّ الكريمِ عليهِ من اللهِ تعالى أفضلُ الصَّلاةِ وأكملُ التسليمِ، ولمن تبعَهم بالإحسانِ والتكريمِ، والله أعلمُ، انتهى.

{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ومعنى هذهِ الآيةِ الحكمُ بالرضا عنهم بإدخالِهم الجنةَ، وغفرِ ذنوبهِم، والحكمُ برضاهم عنهُ في شكرِهم وحمدِهم على نعمِه، جعلَنا اللهُ منهم برحمتِه.

واختلِفَ في أولِ مَنْ آمنَ برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بعدَ امرأتِه خديجةَ رضي الله عنها، مع اتفاقِهم على أنها أولُ من آمنَ به، فقيل: عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وهو ابنُ عشرِ سنينَ، وقيلَ: أبو بكرٍ، وقيل: زيدُ بنُ حارثةَ، وكان إِسحقُ بنُ إبراهيمَ الحنظليُّ يجمعُ بينَ هذهِ الأخبارِ فيقولُ: أولُ مَنْ أسلمَ من الرجالِ أبو بكرٍ الصديقُ، ومن النساءِ خديجةُ، ومن الصبيانِ عليٌّ، ومن العبيدِ زيدُ بنُ حارثةَ رضي الله عنهم أجمعين.


(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٣١٧)، و"التيسير" للداني (ص: ١١٩)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٣٢٠)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٨٠)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٣٨ - ٣٩).