للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهلِ الأرضِ في زمانِه، وكان محلُّ ملكِه مدينةَ مَنْف من أرضِ مصرَ، وكانتْ في غربيِّ النيلِ على مسافةِ اثني عشرَ ميلًا من مدينةِ فُسطاطِ مصرَ المعروفةِ يومئذٍ بمصرَ القديمةِ، ومَنْفُ أولُ مدينةٍ عمرَتْ بأرضِ مصرَ بعدَ الطوفانِ، وكانت دارَ الملكِ بمصرَ في قديمِ الزمانِ، ولما دنا فَرَجُ يوسفَ، رأى الملكُ رؤيا عجيبةً هالَتْه، فجمعَ السحرةَ والكهنةَ والمعبِّرينَ، وقَصَّها عليهم فقال:

{إِنِّي أَرَى} قرأ أبو عمرٍو، ونافعٌ، وأبو جعفرٍ، وابنُ كثيرٍ: (إِنِّيَ) بفتحِ الياء، والباقون: بإسكانها (١).

{سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} خَرَجْنَ من البحرِ.

{يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ} أي: وخرجَ عقبَهُنَّ سبعُ بقراتٍ عجافٍ، وهي التي بلغَتْ من الهزالِ النهايةَ، فابتلعتِ العجافَ السمانَ، فدخلَتْ في بطونهن، ولم يتبيَّنْ على العجافِ منها شيءٌ.

{وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ} قد انعقدَ حَبَّها {وَأُخَرَ} أي: وسبعًا أُخَرَ {يَابِسَاتٍ} قد أدركَتْ فالْتَوَتِ اليابساتُ على الخضرِ حتى غلبْنَ عليها، ولم يبقَ من خضرتِها شيء، فقال لعرَّافيه ومنجِّميه:

{يَاأَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ} عَبِّروها.

{إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُ} تفسِّرونَ. قرأ الكسائيُّ، وخلفٌ: (لِلرُّؤْيَا) بالإمالةِ (٢)، واختلافُ القراءِ في الهمزتينِ من (الْمَلأُ أَفْتُوني)


(١) انظر: "التيسير" للداني (ص: ١٣١)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٩٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ١٧١).
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٣٤٤)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي =