للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩)}.

[٥٩] وكانَ بين أن قذفوه في البئرِ وبينَ أن دخلوا عليه أربعين سنة، فلما نظر إليهم يوسفُ وكلَّموهُ بالعبرانيةِ، قالَ: "أخبروني من أنتم؟ قالوا: قومٌ من أرض الشام، قال: بل أنتم جواسيسُ جئتُم تَطَّلِعون على عورة بلادي، قالوا: لا والله! لسنا بجواسيس، وإنما جئنا نمتارُ، ونحن إخوةُ بنو أبٍ واحدٍ، وهو شيخٌ صديقٌ نبيٌّ من أنبياءِ الله، وكان قد قال لنا: إن بمصرَ مَلِكًا صالحًا، فانطلقوا إليه، وأقرؤوه مِنِّي السلامَ، وهو يقْرِئُكَ السلامَ، فبكى يوسفُ وعصرَ عينيه، وكنا اثني عشرَ، هلكَ منا واحدٌ وبقي منا واحدٌ عندَه يتسلَّى به عن أخيه الهالك، قال: فاتركوا بعضكم رهينةً عندي، وأتوني بأخيكم من أبيكم، ويراسلني أبوكم على لسانِه، ويخبرني أبوكم مِمَّ حزنُه حَتَّى أصدقَكم، فتركوا عندَه شمعونَ، وكان يوسفُ يحسِنُ إليه.

{وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} أعطَى لكلٍّ منْهم حِمْلَ بعيرَ، والجهازُ: ما يُهَيّأُ لمن يُشَبَّعُ.

{قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ} يعني: بنيامينَ.

{أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ} أُتِمُّهُ، فأزيدكم حملَ بعيرٍ لأجلِ أخيكم.

{وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} المضيفينَ، وكان قد أحسنَ ضِيافَتَهم. قرأ نافعٌ، وأبو جعفرٍ بخلافٍ عن الثاني: (أَنِّيَ) بفتح الياء، والباقون: بإسكانها (١).


(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٣٥٣)، و"التيسير" للداني (ص:١٣١) , و"النشر في القراءات العشر" لابن الجوزي (٢/ ٢٩٦) , و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ١٧٨).