للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِلَيَّ، فَقَالَ لِي كَالْمُسْتَهْزِئِ: هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: إِنِّي أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ، قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قُلْتُ: إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا؟! قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا مَعْشَرَ قُرَيشٍ! يَا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ! هَلُمُّوا، فَانْتَقَضَتِ الْمَجَالِسُ، وَجَاؤُوا حَتَى جَلَسُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: حَدِّثْ قَوْمَكَ يَا مُحَمَّدُ بِمَا حَدَّثْتَنِي، فَقَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنِّي أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ، قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا؟! قَالَ: نَعَمْ، فَبَقِيَ مِنْهُمُ الْمُتَعَجِّبُ، وَمِنْهُمُ الْمُصَفِّقُ، وَمِنْهُمُ الْوَاضِعُ يَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ، ثمَّ قَالُوا: هَلْ تستَطِيعُ أَنْ تنعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ؟ قُلْتُ: نعَمْ، قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنْعَتُهُ حَتَّى الْتبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ؛ لِكَوْنِي دَخَلْتُهُ لَيْلًا، فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عَقِيلٍ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَأُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ، قالَ - صلى الله عليه وسلم -: وَآيَةُ ذَلِكَ أَنني مَرَرْتُ بِعِيرِ بَنِي فُلانٍ بِوَادي كَذَا وَكَذَا، فَأَنْفَرَهُمْ حِسُّ الدَّابّةِ، فَنَدَّ لَهُمْ بَعِيرٌ، فَدَلَلْتُهُمْ عَلَيْهِ وَأَنَا مُتَوَجِّهٌ نَحْوَ الشَّامِ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِضُجْنَانَ مَرَرْتُ بِعِيرِ بَنِي فُلانٍ، فَوَجَدْتُ الْقَوْمَ نِيَامًا، وَلَهُمْ إِنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ قَدْ غَطَّوْا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَكَشَفْتُ غِطَاءَهُ وَشَرِبْتَ مَا فِيهِ، ثُمَّ غَطَّيْتُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ، وَإِنَّ عِيرَهُمُ الآنَ تُصَوِّبُ مِنَ الْبَيْضَاءِ ثنَيَّةِ التَّنْعِيمِ يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ، إِحْدَاهُما سَوْدَاءُ، وَالأُخْرَى بَرْقَاءُ، فَابْتَدَرَ الْقَوْمُ الثَّنِيَّةَ، فَلَمْ يَلْقَهُمْ أَوَّلًا إِلَّا الْجَمَلُ الَّذِي وَصَفَ لَهُمْ، وَسَأَلُوهُمْ عَنِ الإِنَاءِ، فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ وَضَعُوهُ مَمْلُوءًا مَاءً، ثُمَّ غَطَّوْهُ، وَأَنَّهُمُ افْتَقَدُوهُ مِنَ الَّليْلِ فَوَجَدُوهُ كَمَا غَطَّوْهُ وَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ مَاءً، وَسَأَلُوا الْقَوْمَ الَّذِينَ نَدَّ لَهُمُ الْبَعِيرُ، فَقَالُوا: صَدَقَ وَاللهِ، لَقَدْ نَدَّ لَنَا بَعِيرٌ بِالْوَادِي الَّذِي ذَكَرَهُ، فَسَمِعْنَا صَوْتَ رَجُلٍ يَدْعُونَا إِلَيْهِ، وَإِنَّهُ لأَشْبَهُ الأَصْوَاتِ بِصَوتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فَجِئْنَا حَتَّى أَخَذْنَاهُ، وفي