للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} صلاةَ الصبحِ، سُمِّيت قرآنًا؛ لأن القرآنَ هو عُظْمُها؛ إذْ قراءتُها طويلةٌ مجهورٌ بها {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} تشهدُه ملائكةُ الليلِ وملائكةُ النهارِ إذا صعِدَ هؤلاءِ ونزلَ هؤلاءِ.

...

{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (٧٩)}.

[٧٩] {وَمِنَ اللَّيْلِ} أي: وعليكَ صلاةُ بعضِ الليلِ.

{فَتَهَجَّدْ بِهِ} أي: بالقرآنِ، والتهجُّدُ لا يكونُ إلا بعدَ النومِ.

{نَافِلَةً لَكَ} زيادةً على الفرائضِ، وكانتْ صلاةُ الليلِ فَرْضًا على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعلى أُمَّتِه، فَنُسخَ في حقِّ أمتِهِ بالصلواتِ الخمسِ، وبقيَ الوجوبُ في حقِّهِ، وذهبَ قومٌ إلى أنَّ الوجوبَ نُسِخَ في حقِّه كأمتِهِ.

{عَسَى} من اللهِ واجبٌ، لأنه لا يدعُ أن يعطيَ عبادَه أو يفعلَ بهم ما أَطمَعَهم فيه.

{أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ} يومَ القيامةِ فيقيمَك.

{مَقَامًا مَحْمُودًا} هو مقامُ الشفاعةِ، يَغْبِطُهُ به الأولونَ والآخِرون؛ لأنَّ كلَّ مَنْ قُصِدَ من الأنبياءِ للشفاعةِ يحيدُ عنها، ويُحيلُ على غيرِه حتى يأتوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - للشفاعة، فيقول: "أَنَا لَهَا" (١)، ثم يشفعُ، فَيُشَفَّعُ فيمن كانَ من أهلِها.


(١) رواه البخاري (٧٠٧٢)، كتاب: التوحيد، باب: كلام الرب -عز وجل- يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، ومسلم (١٩٣)، كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-.