للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإما أن أقتلكم، فقال مكشلمينا، وهو أكبرهم: إن لنا إلهًا ملك السموات والأرض جلت عظمته، لن ندعو من دونه إلهًا أبدًا، وقال بقية الفتية لدقيانوس كذلك، فقال الملك: ما يمنعني أن أعجل لكم العقوبة إلا أنكم شباب، ورأيت أن أجعل لكم أجلًا تذكرون فيه وتراجعون عقولكم، فأخذوا من بيوتهم نفقة، وخرجوا إلى كهف قريب من المدينة في جبل يقال له: بنجلوس، واسم الكهف حيرم، وأقاموا به يعبدون الله فيه، واتبعهم كلب كان لهم، وجعلوا نفقتهم إلى فتى منهم، وهو يمليخا، وكان من أجملهم وأجلدهم، فكان يبتاع طعامهم من المدينة سرًّا، فإذا دخل المدينة، لبس ثياب المساكين، ويشترى طعامهم، ويتجسس لهم الأخبار، ولبثوا كذلك زمانًا حتى أخبرهم يمليخا أن الملك يطلبهم، ففزعوا لذلك، وحزنوا، فبينا هم كذلك عند غروب الشمس يتحدثون ويتدارسون، إذ ضرب الله على آذانهم في الكهف.

...

{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (١١)}.

[١١] قال الله تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} أي: أنمناهم إنامة ثقيلة {فِي الْكَهْفِ سِنِينَ} ظرف لـ (ضربنا) {عَدَدًا} نعت (سنين) أي: معدودة، وتخصيص الآذان بالذكر؛ لأنها الجارحة التي منها عِظَمُ فساد النوم، وقلما ينقطع نوم نائم إلا من جهة أذنه، ولا يستحكم نوم إلا مع تعطل السمع.

...

{ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (١٢)}.

[١٢] وألقي النوم عليهم، وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف، فأصابه ما أصابهم، فسمع الملك أنهم بجبل بنجلوس، فألقى الله في نفسه أن يأمر