للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كنزًا، وهذا الورق ورق آبائي، ونقش هذه المدينة وضربها، ولكن والله ما أدري ما شأني، وإني رجل من أهل المدينة، أنا فلان بن فلان، فلم يعرفه أحد، ولا عرف أباه، قالوا: فنقش هذا الورق من ثلاث مئة سنة، وأنت غلام شاب؟! فقال: ما فعل الملك دقيانوس؟ قالوا: ما نعرف على وجه الأرض اليوم هذا الاسم إلا ملك قد هلك، وهلك بعده قرون، قال لهم: فما يصدقني أحد، لقد كنا فتية، وكان الملك أكرهنا على عبادة الأوثان، فهربنا منذ أيام إلى الكهف، وخرجت لأشتري لأصحابي طعامًا، وأتجسس الأخبار، فانطلقوا معي إلى الكهف في جبل بنجلوس؛ لأريكم أصحابي، فلما سمع أريوس ما يقول، قال: يا قوم! لعلَّ هذهِ آية من آيات الله جعلها لكم على يدي هذا الفتى، فانطلقوا بنا معه يرينا أصحابه، فانطلق معه أريوس وأطيطوس، وانطلق معهم أهل المدينة كبيرهم وصغيرهم، فلما سمع أصحاب الكهف الأصوات وجلبة الخيل مصعدة نحوهم، جزعوا وظنوا أنهم رسل الجبار دقيانوس بعث إليهم ليؤتى بهم، فسبق إليهم صاحبهم، وقص عليهم النبأ كله، فعرفوا عند ذلك أنهم كانوا نيامًا بإذن الله، وإنما أوقظوا ليكونوا آية للناس، وتصديقًا للبعث، ثم فتحوا التابوت النحاس الموضوع بباب الكهف، فوجدوا فيه لوحين من رصاص مكتوب فيهما أسماؤهم، وأنهم كانوا فتية آمنوا وهربوا من ملكهم دقيانوس الجبار؛ مخافة أن يفتنهم عن دينهم، فدخلوا هذا الكهف، فلما أخبر بمكانهم، أمر بسد الكهف عليهم، فكتبنا شأنهم وخبرهم ليعلمه من بعدهم إن عثر عليهم، فلما قرؤوه، عجبوا، وحمدوا الله الذي أراهم آية للبعث فيهم، ثم رفعوا أصواتهم بحمد الله وتسبيحه، ثم دخلوا على الفتية الكهف، فوجدوهم جلوسًا مشرقة وجوههم لم تبلَ ثيابهم، وجاء الملك