للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونهى، وصنفٌ أمسكَ ولم يَنْهَ، وصنفٌ انتهكَ الحرمةَ، فلما أبى المجرمون قَبولَ نُصْحِهم، قالوا: واللهِ لا نُساكِنُكُم في قرية واحدة، فقسموا القريةَ بجدار، واستمروا كذلك سنينَ، فلعنَهُمْ داودُ، وغضبَ الله عليهم؛ لإصرارهم على المعصية، فخرج الناهون ذاتَ يوم من بابهم، ولم يخرجْ من المجرمين أحدٌ، ولم يفتحوا بابَهم، فلما أبطؤوا، تَسَوَّروا عليهمُ الحائطَ، فإذا هم جميعًا قِرَدَةٌ لها أذنابٌ يَتَعاوَوْنَ، فمكثوا ثلاثةَ أيام، ثم هلكوا، ولم يتوالدوا (١)، قال الله تعالى:

{فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا} أمرُ تحويل وتكوين؛ أي: صيروا.

{قِرَدَةً خَاسِئِينَ} مبعَدين مطرودين، والخساءُ: الطردُ والإبعاد. قرأ الكسائيُّ (قِرَدَةً) بإمالة الدال حيثُ وقفَ على هاء التأنيث.

{فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٦٦)}.

[٦٦] {فَجَعَلْنَاهَا} أي: عقوبتهم بالمسخ.

{نَكَالًا} أي: عقوبةً وعبرةً (٢)، والنَّكالُ: اسمٌ لكلِّ عقوبةٍ يَنكُلُ الناظرُ من فعل ما جُعلت العقوبةُ جزاءً عليه، ومنهُ النُّكولُ عن اليمين، وهو الامتناعُ، وأصلُه من النَّكل، وهو القيدُ، وجمعه أَنْكال.

{لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا} أي: جعلنا تلك العقوبةَ جزاءً لما تقدَّم من ذنوبهم قبلَ نهيهم عن أخذِ الصيد.


(١) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (١/ ٣٣٢).
(٢) "وعبرة" سقطت من "ت".