للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تبادلونهم (١)، أرادَ: مفاداةَ الأسيرِ بالأسيرِ، وأصلُ الفِداءِ: حفظُ الشيءِ بما تبذلُه (٢) عنهُ صيانةً له، ومعنى الآية: إن الله تعالى أخذَ على بني إسرائيل في التوراة ألَّا يقتلَ بعضُهم بعضًا، ولا يخرجَ بعضُهم بعضًا من ديارِهم، وأيُّما عبدٍ أو أمةٍ وجدتموهُ من بني إسرائيلَ، فاشتروهُ بما قامَ من ثمنه، وأَعتقوهُ، وكانتْ قريظةُ حلفاءَ الأوسِ، والنضيرُ حلفاءَ الخزرجِ، وكانوا يقتتلون في حرب سُمَير (٣)، فإذا اقتتلا، عاونَ كلُّ فريق حلفاءه في القتلِ وتخريبِ الديار وإجلاءِ أهلها، وإذا أُسر رجلٌ من الفريقين، جمعوا له حتى يَفْدوه، وإن كانَ الأسيرُ من عدوِّهم، فتعيِّرهُم العربُ، وتقول: كيفَ تُقاتلونهم وتَفْدونهم؟ قالوا: إنا أُمرنا أن نَفْديَهم، فيقولون: لمَ تقاتلونهم؟ قالوا: إنا نستحيي أنْ يُسْتَذَلَّ حلفاؤنا، فعيَّرَهم الله تعالى، فقال: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} (٤).

وفي الآية تقديمٌ وتأخيرٌ، ونظمُها: وتُخرجون فريقًا منكم من ديارهم تَظاهرون عليهم بالإثم والعدوان، وهو محرَّم عليكم إخراجهم، وإن يأتوكم أُسارى تَفْدوهم، فكأنَّ الله أخذَ عليهم أربعةَ عهودٍ: تركَ القتل،


= و"الغيث" للصفاقسي (ص: ١٢١)، و"تفسير البغوي" (١/ ٧٣)، و"التيسير" للداني (ص: ٧٢)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢١٨)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ١٤١)، و"معجم القراءات القرآنية" (١/ ٨٢ - ٨٣).
(١) في "ت" و"ظ": "تباذلونهم".
(٢) في "ن": "يبدله".
(٣) في "ن": "سَمير".
(٤) انظر: "تفسير البغوي" (١/ ٣٩٧)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (١/ ١٦٣).