للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)}.

[٧٨] {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ} لله، ومن أجل إعلاء دينه {حَقَّ جِهَادِهِ} بنية صادقة خالصة لله عز وجل، وقد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رجع من غزوة تبوك قال: "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" (١)، وأراد بالجهاد الأصغر: جهاد الكفار، وبالأكبر: جهاد النفس.

{هُوَ اجْتَبَاكُمْ} اختاركم {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ضيق في شرعة الملة، والحرج: ما يتعذر عليه الخروج عما يقع فيه، وذلك أنها -أي: الملة- حنيفة سمحة، ليست كشدائد بني إسرائيل وغيرهم، بل فيها التوبة والكفارات والرخص، ونحو هذا مما كثر عده.

{مِلَّةَ} أي: كَمِلَّة {أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} ونصب بنزع حرف الصفة، وقوله: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ} خطاب للعرب؛ لأنهم كانوا من نسل إبراهيم.

{هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} المعنى: الله سماكم المسلمين.

{مِنْ قَبْلُ} أي: من قبل إنزال القرآن في الكتب المتقدمة.


(١) قال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" (٢/ ٣٩٥): غريب جدًّا، وذكره الثعلبي هكذا من غير سند. ورواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (١٣/ ٥٢٣)، عن جابر -رضي الله عنه- بإسناده فيه ضعف. وانظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (ص: ١٩٦)، و"الفتح السماوي" للمناوي (٢/ ٨٥١)، و"كشف الخفاء" للعجلوني (١/ ٥١١).