للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أُلقي في نفس زيد كراهتها، فجاء النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: أريد طلاق صاحبتي، فقال: "أرابك منها شيء؟ "، قال: لا والله ولكنها تترفع علي، فقال له: "أمسكْ عليكَ زوجَك"، فنزل قوله تعالى:

{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} (١) بالإسلام {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بالعتق: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ} لا تفارقها، نهي تنزيه. قرأ أبو عمرو، وهشام، وحمزة، والكسائي، وخلف: (وَإِذ تَّقُولُ) بإدغام الذال في التاء، والباقون: بالإظهار (٢).

{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ} ما علمته، وهو {مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} أي: مظهره، وهو أنه تعالى كان قد أعلمه - صلى الله عليه وسلم - أن زينب ستصير زوجة له.

{وَتَخْشَى النَّاسَ} أي: اليهود أن يقولوا: تزوجَ امرأةَ ابنه.

{وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} فلا تفعلْ مثل ذلك، وهذا عتاب شديد، قال عمر، وابن مسعود، وعائشة: "ما نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آية هي أشدُّ عليه من هذه الآية" (٣)، وعن عائشة: "لو كتم نبيُّ الله شيئًا مما أنزل عليه، لكتم هذه الآية" (٤)، فطلقها زيد، فلما انقضت عدتها، قال لزيد: "اذهبْ


(١) قال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" (٣/ ١١١): غريب بهذا اللفظ، ورواه مسلم في "صحيحه" (١٤٢٨) في النكاح مختصرًا من حديث أنس.
(٢) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: ٣٢٥)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ١٢٦).
(٣) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٩/ ١١٩).
(٤) رواه مسلم (١٧٧)، كتاب: الإيمان، باب: معنى قوله الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}. ورواه البخاري (٦٩٨٤)، كتاب: التوحيد، باب: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}، لكن عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-.