للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} المعنى: إذا وهبتك مؤمنة نفسها، حلت لك خاصة بلفظ الهبة بلا صداق، كالزيادة على الأربع، وكان من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوج بلا ولي ولا شهود، وإذا خطب امرأة، يحرم على غيره خطبتها حتى يتركها (١)، والواهبةُ نفسَها هي أم شريك بنتُ جابر من بني أسد، وقيل: ميمونة بنت الحارث، وقيل: خولة بنت حكيم من بني سليم، وقيل: زينب بنت خزيمة الأنصارية (٢). قرأ نافع (لِلنَّبِيءِ إِنْ) بالهمز والمد في (النَّبِيءِ)، وتسهيل الهمز الثاني بين بين، وقرأ: (أَرَادَ النَّبِيءُ أَنْ) بالهمز والمد في (النَّبِيءُ)، وإبدال الهمز الثاني واوًا محضة مفتوحة، وخالفه قالون في الحرف الأول، وهو (لِلنَّبِيِّ إِنْ)، فقرأ بتشديد الياء، وتحقيق الهمز بعدها؛ كبقية القراء (٣).

واختلف الأئمة في انعقاد النكاح بلفظ الهبة في حق الأمة، فقال أبو حنيفة: ينعقد بلفظ الهبة والصدقة والتمليك والبيع والشراء، وعنه في لفظ الإجارة خلاف، وقال مالك: ينعقد بلفظ يدل على التأبيد مدة الحياة؛


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ١٢٨).
(٢) انظر: "التلخيص الحبير" (٣/ ١٣٨)، و"فتح الباري" (٨/ ٥٢٥ - ٥٢٦) قال ابن حجر في "الفتح" بعد أن ذكر من خَرَّج الآثار في اللواتي وهبن أنفسهن له صلى الله عليه وسلم، وبعد أن ذكر الحكم الحديثي لكلٍّ، قال: عن عكرمة عن ابن عباس: "لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له" أخرجه الطبري وإسناده حسن. والمراد أنه لم يدخل بواحدةٍ ممَّن وهبت نفسها له وإن كان مباحًا له؛ لأنه راجع إلى إرادته؛ لقوله تعالى: {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا}.
(٣) سلفت هذه القراءة في تفسير الآية (١) من هذه السورة.