للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} يعني: الصالحين الذين لا يظلمون قليلٌ، و (ما) زائدة، فلما قضى بينهما داود، تحولا في صورتيهما، وصعدا إلى السماء وهو ينظر، ويقولان: مضى الرجل على نفسه.

{وَظَنَّ} أي: أيقن.

{دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} أنا ابتليناه بالذنب، ونبهناه على خطئه بتلك الحكومة.

{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ} لذنبه {وَخَرَّ رَاكِعًا} [حال؛ أي: ساجدًا، على تسمية السجود ركوعًا، لأنه مبدؤه؛ لأنه لا يكون ساجدًا حتى يركع] (١).

{وَأَنَابَ} رجع عن جميع المخالفات، ثم مكث أربعين يومًا ساجدًا لا يرفع رأسه إلا لحاجة ضرورية، أو لصلاة مكتوبة، لا يأكل ولا يشرب، وهو يبكي حتى نبت العشب حول رأسه، وهو يجهد نفسه بالبكاء الدائم، والتضرع والاستغفار حتى كاد يهلك (٢)، وهذه السجدة من عزائم السجود


(١) ما بين معكوفتين زيادة من "ت".
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٢١/ ١٨٥ - ١٨٦)، وانظر: "تفسير البغوي" (٣/ ٦٩٦ - ٦٩٨)، وحيثما وقعت هذه القصص وأمثالها، فعقيدة أهل السنة والجماعة تنزيه الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام - عمَّا يخلُّ بعصمتهم.
قال العلامة الآلوسي في "روح المعاني" (٢٣/ ١٨٥): وللقصاص كلام مشهور، لا يكاد يصح لما فيه من مزيد الإخلال بمنصبه -عليه السلام-، وقال أبو حيان: "الذي نذهب إليه ما دلَّ عليه ظاهر الآية من أن المتسورين المحراب، كانوا من الإنس، دخلوا عليه من غير المدخل وفي غير وقت جلوسه للحكم، وأنه فزع منهم؛ ظانًّا أنهم يغتالونه إذ كان منفردًا، فلما اتضح له أنهم جاؤوا في حكومة ... فاستغفر من ذلك الظن وخرَّ ساجدًا ورجع إلى الله، وأنه =