للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تزوجت امرأته؟ فرجع إليه فناداه، فأجابه، فقال: من هذا الذي قطع علي لذتي؟ قال: أنا داود، قال: يا نبي الله! أليس قد عفوت عنك؟ قال: نعم، ولكن إنما فعلت ذلك لمكان امرأتك، وتزوجتها، فسكت فلم يجبه، ودعاه فلم يجبه، فقام عند قبره وجعل التراب على رأسه، ثم نادى: الويل لداود إذا نصبت الموازين بالقسط، سبحان خالق النور، الويل لداود، ثم الويل الطويل له حين يسحب على وجهه مع الخاطئين إلى النار، سبحان خالق النور، فأتاه نداء من السماء: يا داود! قد غفرت لك ذنبك، ورحمت بكاءك، واستجبت دعاءك، وأقلت عثرتك، قال: يا رب! كيف وصاحبي لم يعف عني؟ قال: يا داود! أُعطيه يوم القيامة من الثواب ما لم تر عيناه، وما لم تسمع أذناه، فأقول له: رضي عبدي؟ فيقول: يا رب! أنى لهذا ولم يبلغه عملي؟ فأقول: هذا عوض من عبدي داود، فأستوهبك منه، فيهبك لي، قال: يا رب! الآن عرفت أنك قد غفرت لي، فذلك قوله تعالى: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} الذنب.

{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا} بعد المغفرة يوم القيامة {لَزُلْفَى} لقربى ومكانة.

{وَحُسْنَ مَآبٍ} حسن مرجع ومنقلب يوم القيامة.

ولما تاب الله على داود، قال: يا رب! قد غفرت لي، فكيف لي ألَّا أنسى خطيئتي، فأستغفر منها لي وللخاطئين إلى يوم القيامة؟ فوسم الله خطيئته في يده اليمنى، فما رفع طعامًا ولا شرابًا إلا بكى إذا رآها، وما قام خطيبًا في الناس إلا بسط راحته، فاستقبلَ الناسَ ليروا وسم خطيئته، واستغفر للخطائين قبل نفسه، وكان إذا ذكر عقاب الله، تخلعت أوصاله، وإذا ذكر رحمة الله، تراجعت.