للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد أنكر (١) القاضي عياض - رحمه الله - هذه القصة، وقال: إن معنى {فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} ابتليناه، وابتلاؤه ما حكي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه قال: لأطوفنَّ الليلة على مئة امرأة، أو تسع وتسعين امرأة، كلُّهن يأتينَ بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل: إن شاء الله، فلم يقل، فلم تحملْ منهن إلا امرأة واحدة جاءت بِشِقِّ رَجُل"، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده! لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله" (٢)، قال أصحاب المعاني: والشقُّ: هو الجسد الذي أُلقي على كرسيه حين عرض عليه، وهي عقوبته ومحنته، قال القاضي عياض (٣) - رحمه الله -: وإن سئل: لِمَ لَمْ يقلْ سليمانُ في القصة المذكورة: إن شاء الله؟ فعنه أجوبة، أَسَدُّها ما روي في الحديث الصحيح: أنه نسي أن يقولها، وذلك لينفذ مراد الله، والثاني: أنه لم يسمع صاحبه، وشغل عنه.

{ثُمَّ أَنَابَ} رجع إلى ملكه بعد أربعين يومًا.

...

{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥)}.

[٣٥] فلما رجع {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي} لا يكون.


(١) جاء على هامش "ت": "وقد ذكر الزمخشري عن صاحب "المدارك" أنه من الأباطيل كما ذكرنا، وأنها مما لا يصح نقلها كما في "النهر".
(٢) رواه البخاري (٣٢٤٢)، كتاب: الأنبياء، باب قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ}، ومسلم (١٦٤٥)، كتاب الأيمان، باب: الاستثناء، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٣) انظر: "الشفا" للقاضي عياض (٢/ ١٦٦ - ١٦٧).