للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو القصاص في قتل العمد، ورُضي منه بالدية، وأصلُ العفوِ: المحوُ والتجاوزُ، وقولُه: (مِنْ أَخيهِ)؛ أي: من دمِ أخيهِ المقتولِ، وقولُه: (شيءٌ) دليل على أن بعض الأولياء إذا عَفَا، سقطَ القَوَدُ، وتَعَيَّنَتِ الدِّيَةُ؛ لأنَّ شيئًا من الدم قد بطلَ، وهو قولُ الثلاثة، وقال مالكٌ: إن عَفَا بعضُ مَنْ له الاستيفاءُ، فإن كانَ الجميعُ رجالًا، سقطَ القودٌ، وإن كُنَّ نساءً، نظرَ الحاكمُ، فإن كانوا رجالًا ونساءً، لم يسقطْ إلا بهما، أو ببعضِهما، وإلا فالقولُ قولُ المقتصِّ، ومهما سقطَ البعضُ، تعيَّنَ لباقي الورثة نصيبُهم من ديةِ عمدٍ.

{فَاتِّبَاعٌ} أي: على الطالبِ للدياتِ الاتباعُ.

{بِالْمَعْرُوفِ} فلا يأخذُ منه أكثرَ من الدية، ولا يطالبُه بعنفٍ.

{وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ} أي: على المطلوبِ منه أداءُ الديةِ إلى وليِّ الدمِ.

{بِإِحْسَانٍ} بلا مماطلةٍ ولا بَخْس، وهذا تأديبٌ للقاتل، ولوليِّ الدمِ.

{ذَلِكَ} أي: المذكورُ من العفوِ وأخذِ الدية.

{تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} لأن القصاص كان حتمًا على اليهود، وحُرِّمَ عليهِمُ العفوُ والديةُ، وكانتِ الديةُ حَتْمًا على النصارى، وحُرِّمَ عليهم القصاصُ، فَخيِّرَتْ هذه الأمةُ بينَ الأمرين تخفيفًا ورحمةً.

{فَمَنِ اعْتَدَى} أي تجاوزَ ما شُرِعَ، فقتلَ الجانيَ بعدَ العفوِ وقَبولِ الدية، أو قتلَ غيرَ القاتلِ.

{بَعْدَ ذَلِكَ} أي: بعدَ أخذِ الدية.

{فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} في الآخرة.